الكريكيت العماني..عملاق نائم فأيقظوه

أحمد السلماني

في ليلة من الليالي، ترجلنا أنا وأصدقائي من السيارة في سوق الخوض بولاية السيب لاقتناء غرض ما، فلفت انتباهي تكدس وتحلق مجموعة كبيرة من العمالة الآسيوية على شاشة التلفاز بأحد المقاهي، حيث قادني الفضول لمعرفة المادة التليفزيونية التي جذبت هذا العدد من المتابعين، وبتركيز عالٍ، ووسط انفعالات هنا وهناك، لقد كانت مباراة للكريكيت بين منتخبي بنجلاديش وسيرلانكا، إن لم تخُنِّي الذاكرة، مشهد استوقفني كثيرا، وجعلني شاردَ الذهن، وطرح في رأسي عديد الأسئلة؛ أولها على الإطلاق: "جاذبية" اللعبة؟ وأنها الأكثر شعبية في دول شبه القارة الهندية تقريبا، وإن كان هناك من تأطير رسمي لها بالسلطنة؟ سؤال آخر غاية في الأهمية: هل هناك من استثمار حقيقي للمقومات المتوفرة للعبة؛ كونها معشوقة أكبر الجاليات الآسيوية بالسلطنة؟!

البحث والتحري عن اللعبة بالسلطنة أفضى إلى أن الاهتمام الرسمي لها مع بدايات النهضة المباركة، إلا أن الإطار الرسمي لها كان عام 1979م، مع إنشاء نادي الكريكيت العماني، والمشهر رسميا لدى وزارة الشؤون الرياضية كنادٍ متخصص، كما يحظى بدعم واهتمام استثنائي من شخصيات عامة وبارزة ومهمة تقف وراء الظهور القوي لمنتخبنا الوطني للكريكيت، والذي فاجأ عالم الكريكيت دوليا، وقبل ذلك قاريا، كرقم صعب وضع علم السلطنة بين كبار اللعبة قبل عام من الآن؛ الأمر الذي فاجأنا نحن كوسط رياضي بأن هناك مساقا للعبة رياضية بإمكانه طباعة منتج "صنع في عمان" بغض النظر عن مواد التصنيع وطريقة صناعته.

السنوات الأخيرة شهدتْ كشف اللثام عن اللعبة؛ حيث لم يكن هناك ما يبرر عدم إطلاقها ونشرها لتمارس من قبل المواطن والمقيم، وأن لا تكون حكرا على فئة معينة، وهذه مسؤولية نادي عمان للكريكيت، وقد أعلن عن أن هذا يمثل بالنسبة له هدفا إستراتيجيا، نُشيد به وسنأخذ بيده إعلاميا متى ما شاء القائمون عليه، وقد باشروا في ذلك فعليا في كل من صلالة وصحار، ولكن ماذا عن باقي مناطق وولايات وأندية السلطنة، والتي وإذا ضَمِنا لأنفسنا حضورا قاريا ودوليا بها، فلتذهب "كرة القدم" إلى الخلف، ولتتقدم الكريكيت طالما أن العبث بالأولى لم يوصلنا إلى ما حلمنا به.

في العطل والإجازات كثيرا ما لفت انتباهي ممارسة اللعبة في المسطحات الترابية والمعشبة من قبل الجاليات الآسيوية، واهتمامهم بها، والمدهش شغفهم بمتابعة بطولات ودوريات العالم، فلِمَ لا يستثمر كل ذلك في تنظيم بطولات داخلية وقارية وحتى عالمية بالسلطنة، فقد يخلق لنا ذلك مساقا لمردود اقتصادي جيد إذا ما علمنا أن للعبة شعبية جارفة لدى الجاليات الآسيوية والأجنبية بالسلطنة؛ وذلك من خلال خروج الإطار الإعلامي بها من خلال دور النشر الأجنبية إلى الفضاء الإعلامي العربي، وأيضا تخصيص برامج وحتى نقل تليفزيوني لمباريات "دوري" نادي عمان للكريكيت، والمنضوي تحته 95 ناديا تقريبا من الجنسين والناشئين، فضلا عن السعي لاستضافة الأحداث الرياضية العالمية للكريكيت تحديدا، خاصة وأن المجمعات الرياضية الشبابية بالسلطنة لها القدرة على استيعاب العدد الهائل من الجماهير التي ستحضر وتؤازر فرقها ومنتخبات بلدانها؛ وبالتالي الاستفادة من النواحي التسويقية والترويجية للسلطنة، فضلا عن استيعاب هذه الجاليات فيما يفيد، فكروا فيها!