طالب المقبالي
"وجعلنا من الماء كل شيء حي".. هكذا وصف الله سبحانه وتعالى الماء وأهميته في الحياة، وكثيراً ما سمعنا وقرأنا منذ الصف الأول الابتدائي العبارة التي تقول: "الماء شريان الحياة"؛ لما للماء من أهمية في حياتنا. ولكن: هل فكر أحد منا يوماً -ونحن نستخدم الماء- كيف وصل الماء إلينا عذباً نقياً مصفَّى ومعقماً؟!
بالتأكيد، هناك جهود جبارة تقف وراء ذلك، وهناك جنود يعملون من وراء الكواليس كي يوفروا قطرة الماء التي نشربها.
تلك الجهود تقف وراءها الهيئة العامة للكهرباء والمياه، منذ تأسيها بموجب المرسوم السلطاني رقم 92/2007، والصادر في 9 سبتمبر للعام 2007م. بينما حدَّد المرسوم السلطاني رقم 58/2009 مهام الهيئة وتمتعها بالشخصية الاعتبارية وباستقلالية إدارية ومالية تحت إشراف وزارة المالية.
حيث تشرف الهيئة على خدمات المياه والكهرباء في السلطنة، علاوة على ذلك فإنها أيضاً إحدى الجهات التي تقدم خدمات المياه بشكل مباشر، وهي مسؤولة عن توفير مياه الشرب النظيفة لكافة المنازل والمؤسسات في السلطنة، عدا مدينة صحار ومحافظة ظفار.
وتقدم الهيئة خدماتها لما يزيد إجمالاً على 1.5 مليون نسمة، وتنقل يومياً في المتوسط أكثر من 650 ألف متر مكعب من المياه.
ويعتبر الأمن المائي إحدى أهم ركائز العمل المستمر في الهيئة العامة للكهرباء والمياه؛ من خلال إنشاء وتوسعة عدد من المحطات الكبيرة لتحلية المياه، والعمل على ربط هذه المحطات بعضها ببعض لتغطية النقص المحتمل للمياه، في حالة صيانة أو تعطل إحدى محطات التحلية، ليتم الاستعانة مباشرة بالمحطة الأقرب دون انقطاع المياه عن المشترك والمستفيد من الخدمة.
ولكي أستقي المعلومات الخافية علينا، كان موقع الهيئة الإلكتروني هو بمثابة الموسوعة والمرجع لأي راغب في الاطلاع على مهام الهيئة، والأدوار التي تقوم بها من أجل استمرار تدفق شريان الحياة؛ حيث تم مؤخراً توقيع عدد من اتفاقيات إنشاء محطات تحلية المياه الجديدة في ولاية بركاء، والتي من المخطط الانتهاء من تنفيذها في الربع الثاني من 2018م، كذلك إضافة محطة تحلية مياه أخرى جديدة بولاية صحار، ومن المخطط الانتهاء من تنفيذها في الربع الثاني من العام 2018م، إضافة إلى الاستمرار في الأعمال الانشائية لمحطة التحلية الجديدة بولاية قريات، والتي من المفترض أن يكون قد تم الانتهاء منها في الربع الثاني من هذا العام 2017م.
وتشير المعلومات -التي جمعتها عن الهيئة- إلى أنه تم اعتماد عدد من محطات التحلية المؤقتة في عدد من محافظات السلطنة كحل مؤقت لحين انتهاء العمل من أعمال التوسعة في بعض المحطات، أو إنشاء محطات تحلية كبيرة أخرى في بعض المناطق لتوفير احتياجات المياه الصالحة للشرب لهذه المحافظات.
كما تم تنفيذ مشروع خزانات مياه الطوارئ؛ لتفعيلها في حال توقف إمدادات المياه من مصادر الإنتاج. إضافة إلى حفر عدد من حقول آبار المياه للاستعانة بها في فترات الطوارئ كأحد مصادر الإنتاج الثانوية. ولم تكتفِ الهيئة بالموجود، وإنما هناك جهود كبيرة في إجراء الدراسات والإشراف على مشاريع الطاقة المتجددة في السلطنة للنهوض بهذا القطاع، ووضع قاعدة متينة ومدروسة تكون مرجعا مهما وحيويا لوضع الإطار العام لسياسة مستدامة وشاملة لمشاريع الطاقة المتجددة في السلطنة، وبما يتماشى مع الخطط التنموية، وتحقيقاً لاستفادة بعيدة المدى من مصادر الطاقة المتجددة المتوفر في السلطنة.
وقد قامت الهيئة بالعمل والإشراف على عدد من أنواع الدراسات ومشاريع الطاقة المتجددة؛ منها: البرنامج الإستراتيجي لأبحاث الطاقة، ودراسة مستوى الرياح، ووضع أطلس (خريطة) للرياح في السلطنة، كذلك دراسة جدوى مشروع إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية، ودراسة جدوى إنتاج الكهرباء من الرياح في محافظة ظفار، وأيضاً دراسة جدوى استغلال تقنية الخلايا الشمسية على أسطح المباني.
وقد أطلقت الهيئة العامة للكهرباء والمياه، منتصف هذا العام، هُويتها الجديدة التي تحمل مسمى "ديم"؛ تأكيداً على مفهوم الاستدامة، التي هو جزء رئيسي، إلى جانب الجودة في رؤية الهيئة. وتشير لفظة "ديم" إلى المطر الخفيف المستمر والمتواصل، وفي الدارج العماني يسمى "ديمة"، والديمة غالباً ما تكون مستمرة الهطول. ومن هنا، استنبطت الهيئة هذا المسمى الذي يعبر عن الديمومة والاستمرار، ومن هذا البُعد جاءت الهوية الجديدة للهيئة.
ويصاحب مسمى الهيئة الجديد "ديم" شعارها الجديد الذي يتجسد في "الفراشة واللونين واللذين يمثلان انعكاساً للهوية؛ وهما: "الأزرق والأخضر"؛ حيث تم اختيار الشعار ليكون بشكل الفراشة، ويأتي لتوضيح مراحل النمو والتطور التي شهدتها الهيئة خلال المرحلة الماضية، ويتجسد في مراحل النمو لدى الفراشة منذ البداية، وهذا يعكس مراحل تطور الهيئة التي تأسست في العام 2007م.
هذه الجهود بالتأكيد كانت خافية عنا ونجهلها تماماً؛ فدائماً وراء كل عمل ناجح سواعد تعمل بإخلاص، وتبذل الغالي والنفيس من أجل تقديم خدمة راقية؛ مما يجعلنا ننحني تقديراً وإجلالا لهذه الجهود المخلصة.
muqbali@hotmail.com