الزومبي حقيقة سياسيّة

أحمد الخالصي – مدير تحرير مجلة الملتقى العربي


ليس كل أمر مرعب معناه بالضرورة أن يكون مصدره الأشباح، أو غير ذلك من الأشكال التي تدعو للفزع عند رؤيتها, فالرعب في العديد من بلدان العالم يتمثل في أشكال عديدة على أيدي (بعض) رجالات السياسة والاقتصاد الذين قد يعتقد عوام الناس أنهم خُلقوا خصيصًا لأجل السلام ونشر الطمأنينة والأمل في سائر الأرض. لكن الحقيقة غير ذلك تماما إنهم (الأموات الأحياء)، أو مايعرف (بالزومبي). وبالعودة إلى أدبيات المصطلح ودلالاته نجد مايأتي:
الزومبي هيّ تسمية مرادفة للكسالى وتعني الجثة المتحركة التي أثارتها وسائل سحر وغالبا مايطلق مصطلح الزومبي لوصف شخص مُنوم مجرد من أي وعي ذاتي, كذلك نجد حضور هذه الشخصية بين الأوساط الشعبية في أواخر القرن التاسع عشر خاصة في أمريكا الشمالية والفولكلور الأوربي, ومن المعروف جدًا أن هذه التسمية تطلق الآن على أفلام الخيال المرعب وبالعودة لأصل هذه التسمية والاستخدام في هذا المجال نجد أن المخرج جورج روميرو أول من قام بعمل فلم يمثل هذه الشخصية سنة (1968م) وكان الفيلم يحمل اسم (ليلة الحي الميت).
إن أغلب المتابعين لأفلام الزومبي يمكن أن يلاحظوا بشكل واضح تشابه الأحداث في معظم هذه الأفلام, بدايةً من الحبكة التي  تتمحور حولها هذه القصص والتي تكاد تكون واحدة , وهي تتمثل بانتشار فايروس يصيب أحدهم لكي يتحول بعد ذلك إلى زومبي مصابًا ويقوم بمهاجمة  الأخرين وبعد ذلك يحدث الانتشار الواسع لهذا المرض.
إن الزومبي الذي يستبعده المنطق والعلم هو موجود فعلًا إذا مانظرنا جيدًا للأموات الأحياء (السياسين) بحلتهم المرعبة ذات المنظر البهي وماتحمله وجوهم من تناقض الشكل مع الذات,  إنه التشابه الواضح عينه بين الزومبي وهولاء ويتمثل بالآتي:
أولًا: التشابه في حالة الموت رغم استمرار الحياة وهذا مانراه جليًا فيّ موت الضمير والغيرة وسائر الأحاسيس الإنسانية لبعض السياسين.
ثانيًا: أحادية القرار بالنسبة للاستمراية مع الزومبي من عدمها, فإما أن تصيبك عضة منهم وتنتقل لك العدوى أو تنفى بعيدًا عن مناطقهم التي تتسع بمرور الوقت.
ثالثًا: الذود بالنفس متشابه بالحالتين, ففي حالة الزومبي يفر الناس لإنقاذ أنفسهم خوفًا من الإصابة بالفايروس المسبب للزومبي, كذلك ذات الشأن بالنسبة للمواطنين غير المنتمين فلا مفر أمامهم سوى التواري عن أعين هولاء أو الانخراط ضمن زومبي الفساد خاصتهم بعد انتقال العدوى اليهم.
رابعًا: الزومبي يهاجم  كل شيء يستشعر وجوده, كذلك الأمر مشابه لبعض السياسيين الفاسدين حول العالم فنجدهم يستشعرون بوجود أي حياة مالية تدبّ بأي  مشروع أو مقاولات والخ.., فيبدأون بالانقضاض سريعًا عليها.
خامسًا: لايمكن للزومبي مهاجمة أقرانه المصابين, وهذا مانلاحظه بشكل واضح بعدم مساس أي سياسي فاسد بسياسي آخر وإن ظهرت تصريحات فهي لغرض الضغط من أجل ضمان حصة من قطعة تؤمِّن رمق الفساد خاصتهم الذي لايُسد أبدًا.
سادسًا: إن أغلب أسباب انتشار الفايروس الخاص المسبب للزومبي إما قوة معادية للبلد أو خطأ في استعمال التراكيب الكيميائية, وهذا يبدو واضحًا في كيفية نشوء الساسة فهم إما قدموا إلينا من جهات معادية لاتريد الخير أو خطأ في فهم التراكيب العقائدية والوطن مما ينشأ سياسين يتحولون بسرعة الفساد لزومبي ينهش بجسد الجميع حتى أولئك الذين ساهموا في صعودهم فالزومبي لا يُميز بين أحد.

تعليق عبر الفيس بوك