"السلامة المرورية" بين الواقع والمأمول

حمود الحاتمي 

تتناثر أخبار عن فعاليات السلامة المرورية في صحفنا المحلية، التي تقام في الولايات إلا أنّ الجهات المنظمة لها متعددة؛ فمرة اجتماعات في مكاتب أصحاب السعادة المحافظين، ومرة أخرى في مكاتب مديري مصالح حكوميّة؛ والمنفذ واحد، وهم طلاب المدارس بكلمات إذاعية في طابور الصباح، وبالاشتراك مع الشرطة في التنظيم توزع أيادي أطفالنا مطويّات على السيّارات المارة في أسبوع المرور.

إذاً ما هي لجنة السلامة المرورية في ولايتي؟ وما هي المؤسسات التي تتكون منها؟ وما هي أدوارها؟ وهل ساهمت في الحد من حوادث المرور؟ وهل رسالتها المرورية إلى المستهدفين؟ وما هي وسيلة توصيل تلك الرسالة؟ لماذا فعالياتها تأخذ الطابع الاحتفالي الرسمي تحت رعاية سعادة...إلخ؟ وهل تملك صلاحيات إبداء الرأي في تخطيط طرقنا، وتزويدها بمرافق السلامة المرورية؟!

كلها أسئلة تجول في ذهني وأبحث لها عن إجابة. لا شك أنّ الحوادث المرورية في ولاية الرستاق آخذة في الارتفاع، وكم كنا نسمع أنّ السائق هو السبب في الحوادث وننعته بعدم الشعور بالمسؤولية في قيادة المركبة؛ لكن الحقيقة غير ذلك، وهي أنّ طرقنا تساهم في الحوادث لعدم وجود مرافق للسلامة المرورية.

حادثة وفاة بائع الحلوى العمانية سليمان الخياري بحادث دهس مقابل جامع السلطان قابوس وهو ذاهب لأداء صلاة الظهر في مشهد مؤلم هز مشاعر الناس بالولاية ومن المتوقع أن يتكرر مع أناس آخرين.. نعم سيتكرر المشهد لسبب وهو عدم وجود أماكن آمنة لعبور المشاة في تلك المنطقة وهي تعج بالحركة لكونها منطقة تجارية وملتقى القادمين من مسقط وعبري والرستاق.. وهذا ما جعلني أسائل نفسي: أين دور لجان السلامة المرورية في شوارعنا؟ ولكن حتى ننطلق إلى أدوار هذه اللجنة المفترض أن تمارسه لنعرف ما هو مفهوم السلامة المرورية؟

هي ما يعرف بالأمن الطرقي حسب تعريف ويكيبيديا وهي وسيلة آمنة لضمان سلامة الأشخاص من الحوادث والتي تتسبب في الإصابات أو الموت في معظم الأحيان.

من خلال التعريف السابق ينبغي أن يتعاظم دور لجان السلامة المرورية من خلال أدوار فاعلة وملموسة على أرض الواقع ولا نقلل من الجهد الذي تمارسه مثل تنظيم المسابقات والندوات مع إنّي لا أرى في الندوات عديمة الجدوى كونها لا تخاطب مستهدفيها.

لذا يجب على اللجان المرورية أن تمارس دوراً فاعلا مثل اقتراح إنشاء ممرات وجسور لعبور المشاة كما هو الحال عند جامع السلطان قابوس بالعراقي، وكذلك عند منطقة الخليو منطقة فلج الشراة وتدرس أسباب تكرار الحوادث في أماكن بعينها دون سواها والمطالبة بإصلاح الخلل سواء في التخطيط أو التنفيذ، واقتراح القوانين الرادعة التي يجب أن توقع على المتسببين في حوادث الطرق بسبب الرعونة والتهور في القيادة.

لا شك أنّ ما تقوم به اللجان من توعية بالسلامة المرورية لهو أمر محمود ولكن هل تصل الرسالة إلى الشباب. لننظر إلى واقع الفعاليات يحضرها فقط الذين يتكررون في كل مشهد احتفالي للوجاهة ليس إلا وعليه يجب أن تستهدف التوعية الشباب، وألا يتم تدشينها من الأماكن المعهودة في قاعات الاحتفالات إنّما في الميادين التي يتواجد فيها الشباب؛ في أماكن العمل وفي أماكن توجدهم بالأندية أو المولات أو أي أماكن أخرى. ونقترب منهم بصورة عفويّة نخاطب مشاعرهم وعقولهم ونسبر أغوار تفكيرهم في استخدام السيارة، ونعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم في مواقف نبعد فيها عن الطابع الرسمي، الذي تغلفه الهالة الإعلاميّة، وينتهي الأمر دون فائدة تذكر مع آخر ومضة من فلاش الصورة.

لا شك أنّ المسؤولية الاجتماعية تحتم علينا تبني مشاريع تخدم البلد ونرد الدين لهذا الوطن، ونسهم في بنائه، ولعلّ ردود جهات معنية بعدم توفر الاعتمادات المالية لا يجعلنا مكتوفي الأيدي فقد شاهدنا المبادرين من أبناء الوطن المخلصين يتبنون المشاريع، ويجعلون مسيرة البناء مستمرة، يدفعهم في ذلك الحب الكبير لهذا الوطن وسلطانه الذي غرس فيهم قيم الوطن ومنها المسؤولية الاجتماعية.

وعليه فإنّ أدوار اللجان المرورية يتحتم عليها تبني مشاريع تسهم في السلامة المرورية، ومنها أماكن عبور المشاة وكاسرات السرعة في بعض الأماكن المزدحمة، والبحث عن تمويل لها من القطاع الخاص والمقتدرين من أهل الخير.

شكراً للجهود المخلصة من الفرق التطوعية في مجال السلامة المرورية، وشكراً لمجلس جماهير الرستاق الذي ينشر التوعية المرورية عبر حساباته بالتواصل الاجتماعي، وشكرا لكل الفعاليات التي تسهم في الحد من حوادث المرور.