الإبلاغ عن دوريات الشرطة

 

طالب المقبالي

 

يعتقد البعض أنَّ التبليغ عن دوريات تفتيش الشرطة عمل بطولي وخدمة إنسانية لتجنيب الآخرين دفع عشرة ريالات عن مخالفة لتخطي السرعة.

منذ أيام تداول نشطاء الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو توعوي أعدته شرطة عمان السلطانية مشكورة لتوعية وتنبيه المواطنين والمُقيمين من مخاطر التنبيه بوجود دوريات التفتيش، مما يتسبب في وقوع جرائم تم الإبلاغ عنها، أو نجاح إفلات مُتسللين إلى البلاد تم الإبلاغ عنهم، وبمثل هذه التنبيهات استطاعت الإفلات من الوقوع في أيدي رجال الأمن وبالتالي سوف يتوغلون في البلاغ ويرتكبون جرائم نحن في غنى عنها.

وبالأمس تحديداً حضر إلى مكتبي أحد رجال الأعمال للإعلان عن هروب أحد عماله عبر جريدة الرؤية، وعندما سألته عن تاريخ الهروب قال بأن العامل هارب منذ قرابة ثلاثة أشهر، لكنني لم أبلغ عنه على أمل أن يندم ويعود إلى رشده ويعود نادماً متأسفاً، لكنني للأسف علمت أنه شوهد يعمل في إحدى الدول المجاورة، والغريب أنه يخبرني بهذا وجواز سفر العامل بين يديَّ قد سلمني إياه الرجل من أجل أخذ نسخة منه للإعلان.

وهنا يتبادر إلى الأذهان هذا السؤال "كيف تم تهريب هذا العامل؟ ومن قام بتهريبه؟ فهنا تكمن أهمية قيام شرطة عمان السلطانية بعمل دوريات تفتيش، سواءً دوريات تفتضيها الظروف الأمنية والظروف المرورية، ومنها دوريات عاجلة تنظم بناء على بلاغات عن وجود متسللين قادمين من البحر، أو وجود تهريب لمخدرات أو أسلحة، وكل هذه تضر بأمن البلاد، والمتضرر الأول منها أنا وأنتم وجميع أفراد أسرنا دون ذكر التفاصيل.

فإن كان المبلغ عن الدوريات يعتقد أن ما قام به عملا بطوليا أنقذ الناس من دفع غرامات لا تتجاوز عشرة ريالات، فإنه واهم، فهناك ضرر أكبر وخطر جسيم حتى وإن كانت الدورية مرورية، فهناك سائقون متهورون ويتسببون في هلاك الآخرين ويعرضون أنفسهم والآخرين للموت، وقد علم الجميع عن الحادث الذي وقع قبل أيام بولاية الرستاق الذي تسبب فيها شابان كانا يستعرضان سيارتيهما بما يعرف بالمرايس بناءً على شهود عيان، وقد نتج عن الحادث أربع وفيات وست حالات جروح بعضها حرجة وما زالت في العناية الفائقة.

فمثل هذه الحالات يجب أن تطالها يد العدالة ومعاقبة المتسبب في إزهاق أرواح بريئة.

كذلك هناك من لا يحملون رخصة قيادة فيجب معاقبتهم عن مخالفة القيادة بدون رخصة، فالسيارة هي وسيلة نقل قد تصبح بأيدي المخالفين وسيلة وأداة قتل.

فلو تأملنا قليلا إلى ما نسمع من جرائم وقعت وحوادث قتل وقعت في عدد من المواقع ومنها المزارع، حيث يقوم العامل الوافد بقتل كفيله أو من قام بتشغيله للاستيلاء على أمواله، وأعتقد جازما وكما علمت من خلال البلاغات عن هروب العمال نجد أن غالبية العاملين في المزارع هم من العمالة الهاربة أو المتسللة؛ بحيث يقدم المواطن على تشغيل هذه العمالة كونها عمالة رخيصة ولا تطلب الكثير من المال، وذلك بسبب عدم وجود التزامات لديها كدفع رسوم تجديد البطاقات والإقامة وبالتالي ترضى بالقليل، وهنا يجب توعية المواطنين الذين يشغلون هذه العمالة ومحاسبتهم لأنهم تستروا على عامل هارب أو متسلل، وبالتالي خالفوا القوانين المعمول بها في السلطنة وأضروا بمصلحة الوطن.

ألا يكفي أن نسمع عن تلك الجرائم التي يرتكبها بعض المزارعين الوافدين من استخدام المبيدات الخطرة والمواد الكيماوية في المزروعات والتي نتناولها يومياً وبالتالي تتسبب في العديد من الأمراض الخطرة ومن أهمها السرطان.

وفي مقال سابق عن العمالة الوافدة الهاربة أوردت رواية حكاها لي أحد العمال الوافدين بأن العمال أنفسهم يمنعون بعضهم البعض من شراء وتناول منتوجاتهم الزراعية كونها مشبعة بالمواد الكيماوية وبالتالي تسبب أمراضاً عديدة كالسرطان وغيرها.

ألا تكفينا هذه الجرائم في بلادنا حتى نقوم بالتبليغ عن وجود دورية تفتيش أو التستر على عامل هارب أو متسلل؟

الشجاعة والبطولة تتمثلان في الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم لا عن دوريات تفتيش الشرطة..

muqbali@hotmail.com