هل تكون خطة التنويع الاقتصادي "طوق إنقاذ"؟!

 

خلفان الطوقي

التَّحدي الحقيقي في كتابة مقال في موضوع متشابه في الاسم هو ألا تُعيد المعلومات أو التساؤلات أو الحقائق؛ فهذا المقال هو المقال رقم "ثمانية" من المقالات التي كتبتها وله علاقة بالبرنامج الوطني "تنفيذ"، الذي بات يسمى "خطة السلطنة لتعزيز التنويع الاقتصادي"؛ وما يُلهمني للكتابة عنه أنه برنامج وطني؛ لذلك فكل فرد عاقل راشد يجب أن تكون له علاقة بهذا البرنامج من قريب أو بعيد بصفته الوظيفية أو الشخصية.

 

ولكي اتفادى الرتابة والملل للقراء الكرام، وكنوع من التجديد والتصرف خارج الصندوق طرحت سؤالاً لإحدى المجموعات "الواتسابية" والتي تضم مزيجاً يمثل المجتمع؛ حيث تضم المجموعة عدداً من المسؤولين الحكوميين ورجال وصاحبات الأعمال ورؤساء تنفيذين وإعلاميين وموظفين حكوميين ومحللين ومُتابعين للشأن الاقتصادي وآخرين وسألتهم: عن ما هي تطلعاتهم من هذا البرنامج الطموح؟ ولرفع الحرج عنهم طلبت منهم التواصل معي على الخاص بالهاتف أو من خلال الرسائل، فوجدت تجاوباً واهتمامًا جيداً يضم مشاعر مُختلطة بالغيرة والحسرة والمرارة والشك متبوعة بالدعاء والتأمل والإيجابية المشروطة مصحوبا باللغة الدبلوماسية.

 

لذلك ما سوف أكتبه لا يُمثلني بقدر ما يمثل فئة قريبة من المشهد وسوف أذكر أهم تطلعاتهم وهي: هو أن تتمكن خطة التنويع الاقتصادي من إصدار مسؤولياته واختصاصاته وهيكله التنظيمي بعد أن تمَّ تعيين رئيس للوحدة لكي يتمكن عامة الناس من معرفة هيئته القانونية وكيفية التواصل أو المُساهمة معهم ولو بشكل تطوعي؛ كذلك التَّخلص من تداخل المسؤوليات والمهام فيما بين الجهات الحكومية بشكل مستمر ولو كان بشكل تدريجي إلى أن يقل هذا التداخل إلى أقل درجة ممكنة تقلل من البيروقراطية، وأن يتمكن القائمون على هذا البرنامج من إلزام إصدار دليل استرشادي لكل جهة حكومية ويكون متوفرا في المواقع الإلكترونية أو في صالات الاستقبال ويعرف عنه أصغر موظف في هذه الجهة؛ وأهم من هذا وذاك عدم التركيز على عدد ١٢١ مبادرة المعلن عنها فقط؛ وإنما تسهيل القوانين والتشريعات التي تجيب عن أسباب تعطل إقامة هذه المبادرات والإعلان عنها للجماهير وإخبارهم عن التغيرات الجذرية التي طرأت عليها والتسهيلات التي حصلت بعد مختبرات البرنامج التي ستمكن من قيام الآلاف المشاريع بدلاً من حصرها في هذا العدد.

 

إضافة إلى ما ذكر أعلاه؛ أجمع كل من تواصل معي على "عُقد" وعراقيل تاريخية لابد من إزالتها بعمليات جراحية جريئة لكي ينجح البرنامج أو أيِّ مُبادرة حكومية وأهم هذه العقد: أن يؤمن القائمون على أن البرنامج هو ملك للجميع وليس ملك أشخاص وتتحكم فيه أمزجة مُعينة، وإنما هو مشروع وطني ولابد لكل مواطن أو موظف أن يعي أهميته ويساهم فيه لتحقيق أهدافه المعلنة قبل حوالي عام كامل؛ لذلك لابد أن تتضافر الجهود وتعمل في انسجام وتناغم موسيقي يقودها مايسترو مخول لاتخاذ قرارات جريئة لكل من يعرقل ويحاول أن يخرج عن المنظومة بصوت نشاز؛ وألا يتصرف كل رئيس وحدة وكأن هذه الجهة أو تلك "ملك أو مملكة خاصة" ؛ وأن تظهر نتائج العمل كل أسبوعين لعامة الناس من خلال التقيم المسمى بالـ (Dashboard) لمعرفة وجه القصور ومن المتسبب فيه ومحاسبته وإزالته من خارطة الطريق لتتمكن من الوصول إلى الوجهة التي نصبو إليها.

 

وختاماً الإعلان والاحتفال الدوري من خلال وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والبديلة عن كل إنجاز حققه البرنامج منذ نشأته إلى الآن ؛ حيث إن الجميع يبحث هذه الأيام عن الأخبار الجميلة في بيئة مليئة بالطاقة السلبية؛ لذلك فإنَّ إنجاز خطة للتنويع الاقتصادي سيبعث الإيجابية ويجدد الإيمان به وسيحول المتشككين إلى مؤيدين ومساهمين في تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية.

أخيرًا يبقى الرهان؛ هل ستكون خطة السلطنة لتعزيز التنويع الاقتصادي المنقذة من العقد والتشابكات الواقعية وسيتغلب على مالم تستطيع البرامج الأخرى تحقيقه؟؛ أما أنَّ البرنامج والقائمين عليه سيواجهون تحديات عظام وواقع مختلف تمامًا عن الصورة الوردية المرسومة في مُخيلة البعض وما هو موجود في الخُطط والبرامج المكتوبة بشكل نظري ويبقى الحال على ما هو عليه، ولحفظ ماء الوجه تسمية أي نجاح أنه بسبب البرنامج وإن لم يكن؟ نأمل وندعو للأفضل.. عموماً لنبتعد عن السلبية قدر الإمكان؛ ولننتظر لنرى.