د. عبدالله باحجاج
لا تزال قضية المُتضررين من مشروع تطوير منطقة الحافة، تتصاعد سلبًا، في وقت بدأ فيه العد التنازلي لإخلاء المنازل في هذه المنطقة، بعد أن صدرت أوامر محلية بقطع التيار الكهربائي والمياه عن المنازل بتاريخ 14/9/2017، وبعد رفض الجهات المُختصة، مؤخرًا، تظلم المواطنين المُتضررين، فعلى ماذا تمَّ بناء الرفض دون الاعتداد بحالات لها ظروفها الخاصة، ليست هي المتسببة بها، وإنما الجهات الرسمية؟
نتحدَّث في مقال اليوم عن مفصل مهم، من مفاصل هذه القضية، بعد أن فتحنا فيها مجموعة مفاصل، للأسف لا تزال عالقة كقضية سوق الحصن التقليدي المُهدد بالإزالة دون إيجاد البديل، ودون وجود رؤية واضحة للفترة الزمنية لإنجاز الجديد، وكقضية تعويض البساتين العالقة، والمفصل الجديد، يهم أكثر من (189) حالة اجتماعية، كلهم أو جلهم ينتمون للفئات المتوسطة والفقيرة، والبسيطة جدًا، والتي قد يدهسهم سوء تقدير أوضاعهم، ويتحول إلى ظلم تاريخي، غير مقصود لذاته، وإنما يكون وراءه عدم الإلمام بالحيثيات.
ولو وقع هذا (الظلم غير المستهدف) فسيطال حمولة اجتماعية كبيرة في عددها، وثقيلة في مسار تداعياتها الاجتماعية والمالية، ولنا أن تصور هذا المسار في منتصف الشهر القادم إذا لم تنفتح السلطات المحلية على قضيتهم، وهنا نجد تساؤل مقالنا السابق يستدعي نفسه في هذا المفصل العاجل جدًا، وهو ماذا سيحدث في منتصف الشهر المُقبل إذا استمر الوضع كما هو عليه حالياً، في ظل التشدد في الالتزام بموعد القطع والإزالة، ورفض المتضررين التحذير بحجج بدت لنا مقبولة بعد أن استمعنا لها، وقرأنا مُخاطباتها المكتوبة للسلطات المحلية.
وفي أفضل الحالات سنتوقع تمرير ذلك التاريخ، والسبب سيكون لبساطة الكثير من هذه الفئات المُتضررة، ولميكانزمات كاريزمتها الاعتيادية التي تجنح إلى الهدوء والبساطة، لكننا سنحدث لها أزمة حقيقية في حياتها المعيشية، من هنا، يستوجب الانفتاح على هذه الحالات إيجابًا، وهو ما يقف وراء دفاعنا عنها هنا .
ومنها نخرج للرأي العام بالتساؤلات التالية:
س: على ماذا بنت السلطة المحلية رفض التظلم؟
س: كيف حسم الرفض بقرار فوقي دون الرجوع للسلطة الدنيا للتعرف على الحيثيات الدافعة للاعتداد بالتظلم؟
س: هل ستستخدم السلطات المحلية القوة في الإخلاء؟
تكمن استثنائية النسخة الثانية من مشروع تطوير الحافة والتي لجأت إليه السلطات المحلية بعد المرحلة الأولى من هذا المشروع الهام والذي لن نجد مواطناً يعترض عليه من أجل المصلحة العامة، لكن، وهذا الأهم، يرى المواطنون الذين ستنزع منهم ملكيات منازلهم أنَّ المدة الزمنية لإخلائها غير منصفة، مُقارنة بالمدة الزمنية التي أتيحت للمرحلة الأولى، ورغم تسلمهم التعويض المالي في 20/7/2015، إلا أنَّهم لم يستدعوا لقرعة سحب أراضيهم الجديدة سوى قبل أربعة أشهر فقط، والكثير منهم لم يستلم ملكيات هذه الأراضي حتى الآن، وحتى بعضهم لم يقبلوا بالتعويض المالي، علماً بأنَّ السلطات المحلية طلبت منهم البقاء في منازلهم حتى تسليمهم الأراضي الجديدة والتي تحسم كاملة حتى الآن، وفق ما شرحناه سابقاً، كما أنهم يحتفَّظون على منطقة التعويض التي لا تقاس بمنطقة سكنهم، كما أنها منطقة لا تتوافر فيها أية خدمات أو بنية، كالطرق والإنارة ... إلخ.
لذلك، هم يطرحون التساؤلات التالية على السلطة المحلية:
س : هل مدة الشهر أو الشهرين، كافية للإخلاء وبناء مساكن بديلة؟
س: ومتى سينتقلون إليها؟
س : وكيف سيبنون عليها، ولم تسلم لهم كامل ملكيات الأراضي الجديدة؟
س : ولو سلمت كيف سيبنون في منطقة لا تتوافر فيها بنية تحتية ولا خدمات أساسية؟
س: وأين سيسكنون بعد إخلائهم وحتى يستكمل بناء منازلهم الجديدة؟
تساؤلات موضوعية، ينبغي الاعتداد بها، إذن، كيف ستُقطع عنهم الكهرباء والماء ولم تحل قضية نزع ملكياتهم بصورة كاملة حتى الآن؟ خاصة في ضوء تلكم التساؤلات السابقة التي يُثيرها المواطنون المتضررون، فهذه المنازل هي ملك ورثة، فوراء كل منزل مجموعة كبيرة من الورثة تنتزع منهم الآن عواطفهم ومشاعرهم العميقة والمتجذرة في التاريخ، للأسف بقوة الإلزام التي تملكها السلطة بعيدًا عن التفاهمات والتسويات، وحتى بعيداً عن حق الاستماع إلى ملاحظاتهم من قبل سلطاتهم المحلية، فقد حاولوا الالتقاء ببعض المسؤولين المحليين، لكنهم لم ينجحوا لكثرة مشاغلهم وأعمالهم.
س: ولماذا التشديد على موعد منتصف الشهر المقبل للإخلاء، ورفض الاستماع للمتضررين من المُواطنين مُباشرة؟ قد يفسر على أن السلطة المحلية تجد نفسها الآن تحت ضغط أجندة تنفيذ مشروع تطوير منطقة الحافة، بعد تأخير طويل، فهل فعلا، سيرى مشروع تطوير الحافة النور قريبًا؟ لا يُمكن تفسير رفض السلطة المحلية تظلمهم من قرار الإخلاء في موعده سالف الذكر وبحثياته سالفة الذكر، ورفض مهلة التمديد إلا من هذا المنظور فقط، وحتى في هذه الحالة، لابد من الاستماع إليهم، والبحث معهم عن آلية توافقية، لأنَّ هناك مُعاناة ستترتب على ذلك، أما إذا كان عكس ذلك، فإنَّ هناك تساؤلات كثيرة تطرح حول أداء وخلفيات السلطات المحلية، وبالتالي، ماذا يتوقعون من نتائج في منتصف الشهر المقبل؟
قد نتوقع الإخلاء تلقائيًا.
كلنا أمل ألا نصل إلى ذلك التاريخ إلا وقد تمَّ حل هذه القضية، ونتأمل خيرا في جهود بعض الممثلين في مجلسي الشورى والبلدي عن ولاية صلالة، فهم الذين بإمكانهم التواصل بسهولة مع كل السلطات، بعد أن فشل هؤلاء المواطنين المتضررين في اختراق الحاجز المانع بينهم وبين سلطتهم المحلية، كما إننا على يقين بأنه لو نقل الواقع كما هو للسلطة المحلية العليا، لتفهمت خلفيات مطالب هؤلاء المواطنين– وهم كُثر– كما شرحوها لنا، وقرأناها في رسالة تظلمهم المرفوعة لمعالي وزير الدولة ومحافظ ظفار والتماس آخر مرفوع للقائم بأعمال النائب، فهل سيشكل الشورى والبلدي لجنة لتقصي حقائق هذه القضية وتقديم تفاصيلها وبسرعة إلى معالي الوزير؟.