كلنا نشجع برشلونة

 

حسين بن علي الغافري

 

(1)

الرياضة -كانت ولازالت- بشكلٍ عام، وكرة القدم بشكلٍ خاص وسيلة من وسائل التقريب بين الشعوب. كما أنها تتيح للدول والأفراد بناء جسور من التواصل ومن فهم الآخر، والاستماع له، واستيعاب طُرق تفكيره والتعبير عما يجول بخاطره. ويمكن القول بأنها وسيلة محورية هامة ساهمت في نقل الثقافات عبر القارات، وأسست قواعد رصينة تُعنى بتغليب مفاهيم الحوار ونبذ جُذور الخلاف. الرياضة .. وبالابتعاد عن مفهومها الجوهري القريب في الفوز والخسارة، أو أنها وسيلة تهتم ببناء صحة الإنسان السليمة، إلا أن لها مفهوم جوهري آخر قائم على صقل الفرد ثقافياً وإنسانياً وتعزيز تواصله الاجتماعي مع كل الأطياف.

(2)

نستلهم مفهوم الرياضة ونتذكّره باستمرار عند كُل مُنعطف تمر به البشرية جمعاء سواء كان مُفرحا أو مُحّزنا.. وكم هي الأحداث المؤسفة كثيرة التي ننّهض على سماعها باستمرار. ما أود أن أتطرق إليه وأراهن على الرياضة والرياضيين عبر المعمورة في وأّدهْ هي تلك الأحداث المؤسفة جداً والتي لا يُراد بها إلا الخراب والدمار والقتل والتشريد .. بحق هي أحداث غير سوية أن تُزّهق الأرواح ويعمْ الخوف والأسى أرجاءً مُتفرقة من العالم دون أي سبب وبلا أيّ رحمة ولا هوادة. وبغضّ النظر عن مُعتقدات الفرد، أو توجّهاته فتغييب إنسان بالموت وزرع الخوف في النفوس جريمة في حق الإنسانية قاطبة نصّتها الكتب السماوية. ثم ما ذنب عامة النَّاس أن يكونوا كبش الفداء في الخلافات السياسية؟! وكيف يرضى هؤلاء المغرر بهم أن تُغّسل أدمغتهم ويكونوا قنابل موقوتة أو عُبّوات لأعمال تدميرية تنتهي بها حياتهم وحياة غيرهم فجأة وظنهم أن مصيرهم جنة الخُلد؟! أفكار مغلوطة للأسف لها مسبباتها ومصادرها!.

 

(3)

... ومع ما يعيشه نادي برشلونة من سخط جماهير واسع على ناديهم بسقوطهم الأخير لمرتين في نهائي كأس السوبر الإسباني أمام الغريم التقليدي ريال مدريد، ضجّ العالم كثيراً بعد حادثة الدهس في إقليم كاتالونيا التي راح ضحيتها زُهاء ثلاثة عشر شخصاً وإصابة ما يفوق المائة شخص. هي حادثة لم تعد استثنائية حتى نتحدث عنها ونفّرد لها مقالاً مُستقلا! تكررت كثيراً وتضررت الدول العربية أكثر من غيرها فشملت لندن ومانشستر في المملكة المتحدة، ومناطق مُتفرقة من فرنسا وألمانيا ودول أوروبية عديدة. ولكن ما يهمنا من الموضوع هو ما لمسناه من وقفة رياضية واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تُندد بالحادثة. الوقفة الواسعة التي حدثت من نجوم الرياضة تؤكد -وللمرة الألف- أن الحادثة منبوذة ولا يجب أن تتكرر، وتؤكد أن ما يسيء للإنسان وللإنسانية يجب أن يتوقف بأي وسيلة كانت. والدعم الذي منحه العالم الرياضي من لاعبين ومدربين ومختلف الرياضيين بالتنديد عن الحادث يجب أن يتطور ويتعزز. ولعل دقيقة الصمت التي وقفها اللاعبون في مختلف الملاعب الأوروبية عنوان عريض لرفض العنف والتدمير وإقصاء طرف دون آخر. أحداث برشلونة دفعت بالرياضة خطوة إضافية في سبيل رسالتها الكبيرة. الرياضة ينبغي أن تأخذ طريق أكبر في الترويج للسلم والسلام عبر العالم.

 

HussainGhafri@gmail.com