وداعا عبد الحسين عبد الرضا

 

علي بن بدر البوسعيدي

تلقينا جميعا صدمة رحيل الفنان الجميل عبد الحسين عبد الرضا عن دنيانا يوم الجمعة الماضي، وكان وقع الخبر علينا أليما، لما لا ونحن الذين نشأنا على أعماله الفنية التي كانت تمنحنا البهجة والمعرفة والتنوير.. فقد كان رحمه الله فنانا شاملا، وليس مجرد ممثلا مشهورا.

لكننا نواسي أنفسنا دوما في مثل هذه الحالات، بما تركه الفنان المبدع من ميراث فني ومعرفي راقٍ، يمكن أن تستمد منه الأجيال المتعاقبة الكثير من العبر والحكم، فالفقيد كان مدرسة فنية متكاملة، مثل وأدى العديد من الأدوار المتميزة، التي أسعدت الجمهور الخليجي والعربي بشكل عام، كما كانت له صولات وجولات عديدة على خشبة المسرح، وساهم في تاسيس فرقة المسرح العربي والتي تحولت بعد ذلك إلى فرقة المسرح الوطني، وهي الفرقة التي قدمت أعمالا مميزة لا تزال محفورة في الذاكرة حتى الآن.

لم يكن الفنان عبد الحسين عبد الرضا واحدا من أهم صناع الفن في دولة الكويت الشقيقة، بل هو أحد أعمدة فن التمثيل في منطقة الخليج، وأبرز منظريها في هذا المجال، كما أنّه كان حريصا من خلال أعماله أن ينقل هموم المواطن العربي والخليجي على مدى سنوات مسيرته الفنية الممتدة.

ولمن لا يعرف ذلك الممثل القدير، لاسيما أبناءنا في الأجيال الجديدة، نشير هنا إلى أن الراحل من مواليد ثلاثينيات القرن الماضي، وتحديدا في 15 يوليو 1939، وقدم على مدى 50 عاما ونيف العديد من الأعمال الفنية التي تنوعت بين المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية، مزج فيها الأداء المميز بالفكرة اللامعة، وقدم محتوى شهد له الجميع بالتألق والنبوغ.

ولعلي أذكر هنا العديد من أعماله التي جذبت الآلاف من المشاهدين، منها مسلسل "درب الزلق" وكذلك مسرحية "باي باي لندن".

وما يؤكد تنوع مواهب الراحل، أنّه لحن وغنى عددًا من الأغاني، وحاول خلال مسيرته الفنية أن يخوض تجربة الإنتاج الفني، وهي مواهب يفتقرها العديد من فناني الجيل الحالي، الذي بات لا يهتم سوى بالإيرادات والانتشار على حساب المضمون وجودة الفكر وتميز الطرح.

إنّ الرحيل المفاجئ للفنان المبدع عبد الحسين عبد الرضا كان مؤلما لجميع محبيه، لكنها سنة الحياة، وكلنا أمل أن يستفيد الفنانون الحاليون وأولئك الذين يرغبون في خوض هذا المجال، من الرصيد الوفير للفنان الراحل، وأن يكون خير قدوة لهم في أعمالهم، ويقدموا بذلك أعمالا فنية تبهر المجتمع الخليجي والعربي وتعكس همومهم وتبرز مطالبهم، لأنّ هذه هي رسالة الفن التي ينبغي لكل من يعمل في هذه المهنة أن يضعها نصب عينيه.