تأجير المزارع.. إيجابيات وسلبيات

علي بن بدر البوسعيدي

شهدت الفترة الأخيرة ظاهرة أخذت في التنامي، تتمثل في تأجير المواطنين للمزارع والاستراحات في عدد من الولايات لمواطنين آخرين أو مقيمين في السلطنة، بهدف توفير متنفس لهم لقضاء أوقات فراغ وتنظيم حفلات أو ملتقيات بين الجاليات.

وربما يكون ذلك نشاطا اقتصاديا جديدا يستفيد منه ملاك هذه المزارع، من خلال حصولهم على مقابل مادي جيد يضمن لهم مصدر دخل إضافي، لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة وارتفاع أسعار السلع والخدمات، ولجوء البعض الى البحث عن مصدر دخل إضافي حتى يتمكن المواطن من تلبية متطلباته الأسرية والشخصية، وهو ما سيعود بالنفع على ملاك هذه المزارع ويسهم في تنشيط الاقتصاد.

لكن في المقابل، نشأت أزمة موازية لهذه الظاهرة، تتمثل في أنّ هذه المزارع تقع في قلب الولايات وبين بيوت السكان من العمانيين، وهو ما يسبب نوعا من عدم الراحة والفوضى في الشوارع الداخلية، فضلا عن حالة الازدحام التي تتسبب فيها وقوف السيارات، وغيرها من السلبيات المصاحبة.

واحدة من أبرز هذه السلبيات التي تؤرق منام السكان المجاورين لهذه المزارع، هي استخدام المستأجرين للمزارع والاستراحات لمكبرات الصوت، والتي تنطلق في الصباح الباكر وتستمر لوقت متأخر من الليل، دون أي اعتبار لمرضى أو مسنين أو طلاب، كل له ظروفه الخاصة، والتي تتفاقم بسبب هذه الأصوات المرتفعة والتي تهدد استقرارهم المعيشي.

بكل تأكيد لا نود أن نحرم المواطنين من الحصول على مصدر رزق جديد، لكن في الوقت نفسه نأمل أن تسن الجهات المعنية تشريعا ينظم هذه العملية، من خلال فرض ضوابط وقيود تحترم مشاعر السكان والجيران، وتوفر لهم مناخا ملائما يضمن لهم الاستقرار المعيشي.

وفي هذا السياق نقترح مجموعة من النقاط التي تسهم في تنظيم مثل هذه الأمور، منها وضع ضوابط خاصة بموعد فتح وغلق هذه الاستراحات والمزارع، بما يتماشى مع الوضع العام للولاية، وضمان وجود وسائل الحماية المدنية، خاصة وأن المستأجر يقوم بعمليات الشواء وإعداد الأطعمة داخل المزرعة، وفي حالة وقوع خطر حريق- لا قدر الله- ينبغي أن تكون هناك الاستعدادات اللازمة للتعامل معه وإخماده.

من بين الضوابط التي نأمل أن تصدر أيضا منع استخدام مكبرات الصوت بدرجة تحددها العوامل المحلية، ضمانا لتفادي الوصول الى مستويات من الضوضاء المزعجة للسكان المجاورين.

ولعل النقطة الأكثر أهمية هنا، هو وضع ضوابط كذلك لمنع استغلال هذه المزارع والاستراحات في حفلات تخالف التقاليد العمانية الأصيلة، وتحفظ للمجتمع المحلي خصوصيته التي ينبغي حمايتها من الظواهر الدخيلة على المجتمع.

كلمة أخيرة.. إننا هنا لا نصادر حقوق الآخرين في الاستمتاع بجمال الطبيعة في بلادنا، لكننا نأمل أن يراعي الآخرون حقوقنا.