أين تذهب عوائد سياحة "الخريف" ؟

زينب الغريبية

خريف صلالة موسم لطيف، يجتذب السائحين حتى لو سلمنا بأنّها غالبًا سياحة داخلية، إلا أنّها أعداد ليست بالهينة من كل أنحاء محافظات السلطنة، رغم قلة الخدمات وحاجتها للتطوير، إلا أنّها بدأت فعلا بشيء من النمو، ولكن بالنظر إلى المستفيد من الخدمات المقدمة سنجدها في الغالب بيد العمالة الوافدة الآسيوية.

في المواقع التي تجذب السائحين نرى هذه العمالة قد نصبت خيامها أو (كشكات) البيع، يشوون اللحوم، ويبيعون مستلزمات الرحلات والجلسات الخارجية، و(على كشكات) النارجيل (جوز الهند) وأنواع من الفواكه الموسمية بالمنطقة اصطف عليها من نفس الجنسية، ووراءهم مستثمرين من جنسيتهم، عند الحادية عشر ليلا يكون كل ما في تلك (الكشكات) قد انتهى فلا يمكنك شرب ماء النارجيل البارد المنعش إلا قبل تلك الساعة، رغم كثرة عدد (الكشكات) وامتدادها على طول الشارع بين الدهاريز والحافة، إلا أن كل مردوده يكون بيد من؟

تروج كذلك خياطة الملابس الرجالية، والكمة العمانية للرجال، حيث ترى الازدحام ليلا على محلات الخياطة، رغم كثرة عدد المحلات، والسائحون يملأون المحلات لتفصيل الدشاديش والكميم، وموردين الأقمشة منهم، حتى أنّ الكميم العمانية المنتشرة في السوق الظفاري حاليا غالبيتها من مصانع في بنجلاديش، فقد حولوا إنتاجها لبلادهم لتحتكم السيطرة على القطاع. والمواطن له قيمة أجار لوحة المحل المتعارف على قيمتها في السوق للأسف.

ويستمر الوضع عند الحديث عن الصناعات الغذائية، من خبز وكعك ظفاري، وأنواع الخبز الأخرى المصنعة في المخابر والمطاعم، وكثرة الطلب عليها في موسم الخريف، ورواج عمل المطاعم المتنوعة، والتي يفتتح منها الجديد كل عام، وكلها تحت سيطرة العمالة الوافدة، وهم المستفيد الأول والأهم، منها الموجود في المدينة ومنها في مواقع سياحية متعارف عليها أنّها وجهة للسائحين، نعم هي خدمات تصب في صالح تنمية السياحة، ولكن الحديث هنا عن عائدها؟ وأين يصب؟

يبقى بيد المواطن شقق الأجار أو منازلهم، والتي لا ترقى في الغالب لمستوى التنظيم، ومستوى لائق ومتكامل، إلا فيما ندر، والأمر هذا لا يخلو من وجود العمالة الوافدة فيه، بأي شكل، وأحيانا التحكم به، وربما الوقوف عليه واستثماره لصالحها، ناهيك عن محلات مستلزمات المنازل والنظافة، والتي تكتظ بها المحلات، بل وتبسطها إلى المناطق الخارجية أمام المحلات، ومحلات البقالات كلها في أيديهم واستثمارها يعود إليهم، وموردون المستلزمات لها منهم وإليهم.

ملابس النساء الظفارية، والأقمشة، وموضات العبايات أيضًا لها نصيب من إقبال السياح، خاصة أنّ السيّاح هم من العمانيين، ويشتركون في نمطية اللبس ونوع الخامات المستخدمة، أو تفضيلها، إلا أنّ تنوع الموجود كون الأقمشة لملابس النساء في ظفار تتميّز بها محافظة ظفار، لذا نجد سوقها في حركة أيضًا، ومن المحزن أيضًا، أنّ كل القائمين على تلك المحلات والخياطة هم من نفس العمالة، والموردون أيضا ينتمون إليهم، لذا يعود خيرها ورواجها لهم أيضا.

حتى أنّهم يستغلون تواجد السياح ليتجولون بينهم بألعاب بسيطة للأطفال، أو فواكه موسمية، أو تنظيف السيارات فجو الخريف يجعل السيارات محتاجة للتنظيف الدائم، حتى لا يتركون شيئا إلا وقد استفادوا منه، ربما منها مهن لا تليق بالمواطنين، فهم منزهين عن العمل الشريف، حتى ولو كانت بهم خصاصة، وربما نعذر أهالي المنطقة، فهم في إجازة صيفية، ووقت استرخاء، وزحمة أعراس فلابد من تأدية الواجب.

حتى أنني قابلت واحدا من تلك العمالة يعمل في شوي اللحوم، في أحد المواقع السياحية، كنت قد رأيته في منطقة أخرى من عُمان، وقال لي إنّه يأتي في فصل الخريف إلى صلالة للعمل في مثل تلك الأعمال، فالرزق أوفر، وأنه ليس الوحيد من يعمل ذلك فمثله الكثير، فللنظر كيف يطاردون الرزق حيث يكون، فلن يأتينا الرزق يطلب منا العمل فيه، بل علينا نحن البحث عنه.

ما ذكرته من أعمال ليس على سبيل الحصر، وإنّما للتمثيل، فهذه فرصا لنا لنبتكر فيما نعمل ونستثمر، ونجاهد في ذلك، فهل تكون السياحة في بلادنا ومدخولها يحول لبلدان آسيوية، ونبقى نحن نطالب الحكومة بالتنمية والإنشاء، وصرف رواتب، ونحن قادرون على العمل واستغلال الفرص، وصرف مدخولات الصناعات والمهن والتجارة في بلادنا لتبقى نقودنا تدور داخليا وتنمي.

نطالب بتطوير السياحة، ونحن ننظر وننتظر، ونحن شركاء رئيسيون في الموضوع، فلنقوم بما علينا، لنشجع الجانب الرسمي بالقيام بما عليه، ونكون مساهما قويا في عملية التنمية والرقي.