الحجارة تنتصر

 

 علي بن بدر البوسعيدي

أخيرًا رضخت قوات الاحتلال الإسرائيلي وتحت ضغط دولي وتظاهرات أبناء الأقصى لمطلب إزالة البوابات الأمنية من الحرم القدسي..

لقد ضرب الفلسطينيون خلال مراحل هذه الأزمة وأيام المواجهة أروع مثال في معنى الصمود، وأثبتوا للعالم أجمع أنّ عسف المحتل وممارساته تداعى أمام الحق وإرادة الحرية، فالمصلون أولا رفضوا الدخول عبر هذه البوابات وأصروا على أداء صلواتهم خارج ساحة المسجد، وثانيًا أنّ أطفال الحجارة وشبابها لم يقفوا مكتوفي الأيدي أم صلف العدو المحتل وآلته الجبّارة إذ أعادوا للواجهة وذكروا العالم أجمع أنّ الحجر هو من كسر أنف العدو ومرغ أنفه في التراب.. وأنّ العدو لا يفهم إلا لغة العنف في ظل تعنته وإصراره على اذلال الشعب الفلسطيني بتفريغ قضيته عن محتواها.. ولكن هيهات..

نعم انتصر الفلسطينيون في هذه المرحلة من المعركة، وتمت إزالة البوابات الإلكترونية من ساحة المسجد؛ ولكن قوات الاحتلال وحفاظًا على ماء وجهها وإمعانًا في الظلم مازالت تصر على إبقاء الحواجز الأمنية والجسور الحديدية في باحة المسجد، بل عمدت إلى إزالة الأشجار من الساحة ونصبت أعمدة في المكان؛ الأمر الذي يغيّر من شكل وهويّة المكان، وبالطبع لن يسكت الفلسطينيون على أي تغيير في باحة الأقصى التاريخية.

إن ممارسات العدو المحتل وإغلاق الشوارع المحيطة بالبلدة القديمة لمنع المواطنين من الوصول إلى الأقصى والتمسك بعدم فتح المسجد للصلاة فيه بجانب المضي قُدما في تهويد القدس بزرع المستوطنات كنبت شيطاني بغيض؛ تفهم في سياق الإصرار الإسرائيلي على صبّ مزيد من الزيت على النار، كما أنّ عدم الاهتمام بحل القضية تحت ذرائع الإرهاب والمماطلات الأخرى من شأنه أن يضع المنطقة على صفيح ساخن والتهاب الوضع من جديد.

يجب على المجتمع الدولي والدول العربية استخدام كل كروت الضغط الممكنة لوقف كل الإجراءات العدائية لنزع فتيل التصعيد والمواجهة مستقبلاً؛ وأن تسعى جاهدة بكل السبل الممكنة لوقف تهويد الأقصى، وأن تتخذ من الإجراءات ما يضمن احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف.