البحث عن توقيع الشيخ!

 

طالب المقبالي

ما إن طرحت تساؤلاً في بعض المجموعات عن الجهات الحكوميّة والخاصة التي ما زالت متشبثة بتوقيع الشيخ والوالي لتقديم خدماتها في ظل الانفتاح في مجال الاتصالات والتواصل، وفي ظل الحكومة الإلكترونية التي بدأنا نجني بعضاً من ثمارها؛ حتى انهالت عليَّ الردود بالمعلومات التي صُعِقت منها، وحينها أيقنت أننا نتقدم خطوة ونتراجع آلاف الخطوات في ظل الاستمرار في هذا الفكر.

فقد تفاجأ عدد من سكان ولاية الرستاق بقطع مياه الشرب عن منازلهم دون سابق إنذار، وكنت أحد الذين قطعت المياه عن منازلهم.

وقد نبهني سائق صهريج المياه أنّ المياه قد قطعت منذ أيام، وقد تفاجأ الناس بها، فأخبرني بأنّه يتوجب عليّ التقدم بطلب توصيل المياه من الشبكة العامة مع دفع مبلغ 60 ريالا، حيث إنّ الشبكة المحلية القديمة التي كانت تغذي المنطقة قد قطعت، ويتوجب الانتقال إلى الشبكة الجديدة من مياه التحلية القادمة من محافظة شمال الباطنة "صحار".

وبعد التواصل مع أحد المعنيين في دائرة خدمات المشتركين بمحافظة جنوب الباطنة التابعة للهيئة العامة للكهرباء والمياه، أبلغني بأنّه تمّ إشعار المواطنين عن طريق الشيخ والوالي في وقت سابق، وقد بعث لي بصورة من رسالة موقعة من سعادة الوالي موجهة لعدد من شيوخ ورشداء الولاية.

هذه الرسالة لم أسمع بها من قبل ولا أعرف عنها أي شيء، وجيراني أيضاً لا يعرفون عنها أي شيء بدليل قطع المياه عنهم. فالرسالة قد تكون وصلت إلى الشيخ، لكنّه لم يوصلها إلى المواطنين، وللعلم كثير من المناطق لا يوجد بها شيوخ أو رشداء خاصة الأحياء السكنية الحديثة.

ربما ما زالت القرى والحارات القديمة بها شيخ أو رشيد وبالتالي سيخبر قلة قليلة من جيرانه. ويبقى السواد الأعظم من المواطنين لا يعلمون شيئًا عن هذه التعاميم الصادرة بالطرق التقليدية المتبعة في عهد أجداد الأجداد.

والنتيجة أنّ الشركة المُكلفة بالتوصيل أبلغتني بأنّه يتوجّب عليّ الانتظار على أقل تقدير أسبوعين من تقديم الطلب حتى يصل دوري، وبالفعل ثمّ توصيل المياه أثناء كتابة هذا المقال. وهنا لا أقلل من دور دائرة خدمات المشتركين بمحافظة جنوب الباطنة التابعة للهيئة العامة للكهرباء والمياه، فهي تقوم بدور كبير من أجل إيصال المياه لكل منزل، وإنّما ملاحظتي على الإجراءات التي تتم، وطول فترة الانتظار من الشركة المتكلفة بالتوصيل والتي تمتد إلى ثلاثة أسابيع، كذلك قطع المياه عن المنازل قبل التوصيل. كذلك لا أنكر أنّ بعض المشايخ والرشداء يُعممون مثل هذه الرسائل عبر الواتس اب، لكن السواد الأعظم منهم لا يعرفون ما هو الواتس اب وما هي مواقع التواصل الاجتماعي.

الغريب في الأمر أنّ كثيرا من الجهات الرسمية ما زالت تسير على النمط المستخدم قبل خمسين سنة، على الرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين، وفي عصر تقنية المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي، والحكومة الإلكترونية. فقد أتاحت الأحوال المدنية الربط مع المؤسسات الحكومية لجلب بيانات المواطنين الذين يرغبون الانتفاع من خدمات تلك المؤسسات. وللأسف فإنّ هناك بعضاً من المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص ما زالت تطلب توقيع الشيخ والوالي في معاملاتها رغم توفر جميع البيانات لدى الجهات المعنية.

وقد علمت أن أحد الأشخاص ذهب لفتح حساب بنكي في أحد بنوك السلطنة، وقد طلب منه اسم الشيخ وبياناته !.

والسؤال الذي يطرح نفسه ما المغزى من ذكر اسم الشيخ في حساب بنكي خاص؟ كما أنّ هناك بعض الجهات تجبرك على تسمية الشيخ لتسجيلك في نظامها الإلكتروني إن لم تطلب توقيعه، مما يضطرك لتسمية أحد الشيوخ، أو ذكر أي اسم، وليكن جارك أو نسيبك، لا يهم لأنّها لا توجد قاعدة بيانات تبلغك بأنّ هذا الاسم غير مصنف ضمن الشيوخ والرشداء، فكل ما يهم أنّك تعرف رقم هاتفه.

يجب أن يدرك الجميع أنّ الشيخ أو الرشيد يقع اختصاصهم في حدود المصلحة والواجبات التي حددتها له الدولة، وإن كنت أرى أن مقتضيات التطور والعصر الحديث لا تستدعي الاستعانة بهم.

muqbali@hotmail.com