كيف نقرأ القرآن ونفهمه في القرن 21

 

 

 

د.يحيى أبو زكريا

 

قال الله تعالى في مُحكم التنزيل: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" .. رغم أنّ مُفردة العلم وردت في القرآن الكريم عشرات المرات، لكن المُسلمين هم أبعد النَّاس عن العلم، بل على العكس أدمنوا الخرافة والدجل وقراءة الرمل والورق.. أليس القرآن الذي نتلوه اليوم هو عينه القرآن الذي تلاه الرعيل الأول من جيل الرسالة، فلماذا استكشفوا أبعاده وبقينا أسرى لفهمهم وطرائق فهمهم للقرآن الكريم ولم نطور قيد أنملة طرائق التفكير الجديد في التَّعاطي مع القرآن الكريم. روى الحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة [ص ٦٩ ] قال : وفي الدرّ المنظم لابن طلحة الحلبي الشافعي: اعلم أنَّ جميع أسرار الكتب السماوية في القرآن وجميع ما في القرآن في الفاتحة وجميع ما في الفاتحة في البَسملة وجميع ما في البسملة في باء البسملة، وجميع ما في باء البسملة في النقطة التي هي تحت الباء. وبدل أن يعمد المسلمون إلى إرخاء العنان للعقل وبذل الطاقة الجبارة لاستكشاف قوة القرآن المعاصرة اعتدوا على الرواية التفسيرية السلفية والقراءة الفهمية والنصية للقرآن كما كانت في عهد السلف الصالح ولم يطوروا فهما أو يستكشفوا المعادلات الجديدة من القرآن الكريم ...وكلما يكتشف العقل الغربي مُعادلة جديدة يقولون هذه وردت في القرآن، وحبذا لو كان المسلمون هم من اكتشف هذه المعادلات.. وللإشارة فإنَّ عدد آيات القرآن 6236 آية، وعدد النصوص النبوية وأقوال الفقهاء والمجتهدين وعلماء الإسلام والمستنبطين ....أكثر من مليار كلمة ... قطعًا تم تزوير أبعاد النص لصالح المزاج البشري ...ولن ينجو الدين إلا بتطهيره مما علق به من زوائد ....والعودة إلى النص بما هو هو وإرخاء كل القدرات العقلية لإدراك أبعاده الواقعية باعتبار أن القرآن كتاب لكل زمان ومكان ويتميز بسمة الصيرورة والتكيف مع تطورات حركة التاريخ ..وإذا كان السلف الصالح قد قرأوا القرآن بطريقة لغوية وفقهية وحديثية وفسروا القرآن بالقرآن، فهل من طريقة جديدة لقراءة القرآن بعقل جديد وبنمطية القرن الواحد والعشرين ..أم يجب أن نسكن في فهم السلف، هكذا فهموا القرآن، يجب أن نفهمه كما فهموه وانتهى ...فمثلا ورد في قوله تعالى في سورة البقرة " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) " فهذه الآية توصيف لحال مجموعات بشرية تعتمد الدين أو الكتاب أو الآيديولوجيا وانطلاقا من قاعدتها الفكرية تفسد في الأرض قتلاً واغتصاباً وذبحًا وشنقاً وإحراقاً وسرقة للمال العام وتجسساً وإلحاقاً للأذى بالآخر ثم تقول نحن نفعل ذلك للإصلاح ولتقويم الإعوجاج، فيصعقهم الله بالحقيقة أنتم لستم مصلحين أنتم مفسدون بالكامل .....كم ينطبق هذا على فصائل النحر والذبح والحركات الإسلامية.