مُمكنات خطاب "الجهاد" الإلكتروني

 

د.يحيى أبوزكريا

أصبح الفضاء الإلكتروني والشبكة العنكبوتية مجالا رحبا وواسعاً لنشر خطاب العنف والتكفير ومواجهة الدول والمجتمعات واستقطاب العناصر الجديدة والزج بهم في أتون الإرهاب وتحويلهم إلى خلايا فاعلة ونائمة في أكثر من جغرافيا ...للإشارة فإنَّ تنظيم داعش كان يمتلك 220 موقعاً إلكترونيًا وكان يطور تطبيقات جنسية لتجنيد الشباب عبر برامج المحادثات – الشات - .. وكل تنظيمات العنف في المشرق العربي والمغرب العربي وفي خط طنجة – جاكرتا عموما تملك مواقع إلكترونية مباشرة وغير مباشرة، وتتواصل بحرية كاملة مع العناصر الإرهابية في القارات الخمسة، هذا على صعيد المواقع، ناهيك عن وسائط الاتصال في التويتر والفايسبوك والانستغرام وغيرها.

وقد سهل الجهاد الإلكتروني للجماعات المتطرفة تجنيد الشباب، والتخطيط للعمليات الإرهابية وقامت فتيات داعش من خلال المواقع باستقطاب الشباب من مختلف أنحاء العالم إلى تنظيم داعش .. ويعتبر تنظيم القاعدة من أكثر جماعات العنف اهتمامًا بشبكة الإنترنت وقد أشار الظواهري إلى أنَّ العمل الإعلامي للقاعدة يتمتع بنفس أهمية العمل العسكري، وقال في أحد لقاءاته: "أسأل الله أن يجزي العاملين في الإعلام الجهادي خير الجزاء"، واعترفت الولايات المتحدة بتفوق القاعدة في حربها الإعلامية الإلكترونية؛ إذ تضاعفت المواقع والمنتديات الجهادية بشكل كبير منذ الإعلان عن تأسيس "الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين" عام 1998م من (12) موقعًا -كما يشير جبراييل ويمان- إلى أكثر من (6000) موقع في الوقت الراهن، وحتى منظرو العنف كانت لديهم مواقع مثل: موقع الشيخ أبي مصعب السوري، وموقع الشيخ أبي قتادة الفلسطيني، وموقع الشيخ أبي بصير الطرطوسي، وموقع الشيخ أبي محمد المقدسي "منبر التوحيد والجهاد"، ويُعتبر هذا الموقع بالذات من أهم المواقع؛ إذ يحتوي على مقالات وكتب تابعة للفكر السلفي الجهادي، ويحتوي على مكتبة زاخرة ومنظمة لأدبيات الجهاد تراثية وحديثة.

وكانت الشبكة العنكبوتية ميدانا للتدريب العسكري والإرشاد إلى كيفية التفخيخ والتنسيف من خلال نشر كتيبات عن الأسلحة، تكتيكات القتال، صنع المتفجرات، تقديم دورات في صنع المتفجرات وإرشادات حول كيفية صناعتها محلياً وفي المنازل، وموضوعات أخرى ذات صلة على غرار مجلة "معسكر البتار" التابعة لتنظيم القاعدة ذات الطبيعة العسكرية، والمنشورة على الإنترنت والتي تنشرها "جماعة المجاهدين في الجزيرة العربية" ..

والعجيب أنَّ كل المواقع الجهادية والتي تدعو إلى العنف والإرهاب تستضيفها شركات غربية أمريكية بالدرجة الأولى نظراً للجهود والقيود التي تفرضها الدول العربية على نشاط الجماعات الإسلامية الأصولية واستخدامها للإنترنت، فمزودو خدمات الإنترنت يتواجدون في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بحجة حرية التعبير ..فيما هي تهدف إلى توتير الأمن القومي العربي..

 وكل الشركات التي كانت تقدم خدمات إنترنت للجماعات المسلحة في الوطن العربي هي شركات غربية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

فمقر مزود الخدمة موقع عصائب العراق الجهادية Layered Technologies، Incبتكساس، وموقع جماعة جيش المجاهدين Network Operations Center Inc في بنسلفانيا، وموقع جماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية (سرايا القدس) ThePlanet.com Internet Services، Inc بتكساس، وهناك مواقع مؤيدة لحزب الله اللبناني Everyone’s Internet بتكساس، وموقع أنصار الجهاد في العراقElectric Lightwave بواشنطن.

ثانيا: المنتديات الإسلامية فالمنظمات الإرهابية اعتمدت على تلك المنتديات في نشر رسائلها وأفكارها في حال عدم توافر مواقع لها، ومن تلك المنتديات اسم الموقع مزود خدمة الإنترنت مقر مزود الخدمة منتدى الحسبة ذات الشعبية العالية وهو RealWebHost بتكساس الأمريكية، ومنتدى التجديد في FASTHOSTS-UK-NETWORK ببريطانيا، ومنتدى السحاب Liquid Web، Inc في ميتشجان بأمريكا.

ورجال الدين يلعبون دوراً محوريا في البناء التحتي الأيديولوجي للمنظمات وإضفاء الشرعية الدينية على أنشطتهم والكثير منهم بالسجون؛ لتحريضهم للإرهاب أو لمشاركتهم في العمليات الإرهابية، غير أن ذلك لم يمنعهم من تدعيم الجماعات الإرهابية عن طريق المواقع التابعة لهم والتي تظل نشطة حتى بعد دخولهم السجن، ومنها.

• موقع أبوقتاده الفلسطيني المعروف باسم "عمر محمد أبوعمر" وهو أردني من أصل فلسطيني محتجز في بريطانيا منذ عام 2005 للشك في صلته بالقاعدة، الذي تستضيفه (BT-Wholesale) ببريطانيا.

• موقع الشيخ أبومحمد المقديسي والذي كان الأب الروحي لزعيم تنظيم القاعدة بالعراق "أبومصعب الزرقاوي"،الذي تستضيفه (Interserver، Inc)، بنيوجيرسي.

• موقع الشيخ "حامد العلي" المتطرف المعروف بدعمه لمقاتلي الجهاد، الذي تستضيفه (FortressITX)، بنيوجيرسي. ومواقع تستخدم مزودي خدمات شركات الإنترنت الكبرى.

وتترصد الجماعات الإرهابية، صغار السن بأكثر من 100 ألف تغريدة يومياً في موقعي "تويتر" و"فيسبوك"، في تغافل تام من المجتمع لما تعانيه فئة صغار السن من إهمال أسري.

وقد اعترف الكثير من الجهاديين الذين جاؤوا من الغرب إلى العراق وسوريا ولبنان للجهاد أنَّه جرى استقطابهم من خلال الإنترنت ومواقع خاصة. ونقول جازمين أن الإنترنت ما زال ساحة خصبة لنشر التطرف والإرهاب والفكر التكفيري.