فاطمة بنت خلفان الفورية
التأملُ هو أن نفكر بتأنٍ فيما نملك من خبرات وقيم، وما نعتقده بداخلنا عن مختلف جوانب الحياة، فلكل منا سمات وخصائص تميزه عن الآخرين، وتسهم في بناء مكوناته الشخصية، وهي عوامل ذاتية تتصل بذات الفرد، وتتمثل في اتجاهاته وأفكاره ومعتقداته الخاصة، وهذا ما أشار إليه باندورا ( .(Bandura, 1986فقط نحتاج أن نمنح أنفسنا لحظة تأمل وتفكر، عندها لا شك سنقف لنحدد بدقة ماذا نحتاج؟ وما الذي نهدف الوصول إليه؟. فقد قال الله -عزّ وجلّ-: ﴿أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ (الأنعام: 50). وقال: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون﴾ (الذاريات:21). فلنقف عند هذه الآيات الكريمة وقفة تأمل وتدبر، ولنتأملّ في ذواتنا، فملاحظة الذات هو أنجع علاج للنفس عندما يحاصرنا الآخرون بكلماتهم الجارحة وأقوالهم المحبطة التي تشعرك بالاحتراق. فجميعنا يستطيع أن ينجز ويفعل ما يريد دون قيود تكبل قدراته، وجميعنا يمتلك مفاتيح النجاح، ولكن قد ينقصنا العزم والإصرار على أن نحرك الساكن في أعماقنا، ونتعرف بشكل دقيق إلى الجوانب المميزة فينا؛ حتى يتم استظهارها. وهذا لا يتم إلا من خلال التأمل في الباطن وفي الأعماق، والنظر في ذواتنا وأفعالنا، فأنت من يزرع الثقة في نفسك ولا تنتظر أن يغرسها الآخرون، فالقيد الذي أوهمت نفسك بأنك لن تتمكن من فكّه، وغللت به يديك، وحبست به عقلك، فأصبح لا يعي ولا يفكر عليك أن تحرك مفتاحه بنفسك، وأن تبادر قبل الآخرين، وتسارع إلى رفع مستوى الثقة لديك، عندها لا يستطيع أحد أن يقف ليعرقل سيرك، ستجد نفسك تنطلق إلى عالم آخر، تحيط بك كل مقومات النجاح والإبداع. فممارستك للتأمل تسهم في تحقيق ما كنت تخشاه، أو بالأحرى ما كنت غافلاً عنه، فعزز ما بداخلك حتى يستديم، واعلم أن الفجوة التي ساهمت في صنعها ستتلاشى حينما تغير سلوكك، وتكسر جدار الخوف والتراجع الذي كان يعرقل تقدمك. ويشير "لازارس" إلى وجود ثلاثة عوامل تحدد شخصية الفرد وتؤثر في سلوكه (الدوافع، السيطرة، التنظيم)، فما تحمله شخصيَّا من مقومات ينعكس بدوره على ممارساتك في الحياة، فاستثمر إمكاناتك واطلق طاقاتك؛ فالدوافع هي من تحرك عجلة التقدم لديك، فما لم تستطع أن تحققه بالأمس كن متيقناً أنك ستتمكن من تحقيقه اليوم، فقط جدّد تأملك وتسلح بالعزيمة والإصرار.
"فلا ينبغي أن نجعل الأعذار تطوقنا؛ لأنها ستصبح كالأغلال تقيدنا".
** عضو مناهج تعليمية- المركز الوطني للتوجيه المهني
