سكوت وهروب

وليد الخفيف

انتظرتُ بيانَ اللجنة الأولمبية العُمانية حول مُشاركتنا في بطولة التَّضَامُن الإسلامي التي أقيمت في باكو، وتعليقهم على عودة المنتخبات المشاركة بـ7 ميداليات فقط دون مُعَانقة الذهب في أيِّ لعبة، ولكن كعادتها التزمتْ اللجنة الصَّمت! فإذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.

عزيزى القارئ، لك أن تعرف أنَّ دورة التضامن الإسلامي -التي شارك بها أكثر من 5000 لاعب، من 54 دولة، وتنافسوا في 20 لعبة- كانت بمثابة بروفة كاملة الأركان للأولمبياد. ومن المفترض والطبيعي والبديهي أن نستغلَّ مثل هذا الاستحقاق الودي استعدادا للأولمبياد القادم إذا أردنا أن نغيِّر الصورة الباهتة التي ظهر بها مشاركونا في ريو دي جانيرو، والخروج من الأدوار الأولى، وإن كان بعضهم قد شارك عبر البطاقة البيضاء دون القدرة على انتزاع التأهل عبر التصفيات الرسمية.

لك أن تَعْرف أيُّها القارئ الفارق الكبير الذي أوضحته النتائج النهائية للدورة؛ إذ كشفت بجلاء أننا "محلك سر"، فلك أن تعرف حجم وعُمق الفجوة بعد حصول أذربيجان على 134 ميدالية؛ منها: 66 ميدالية ذهبية، و39 فضية، و29 برونزية. وأنَّ تركيا نجحت في معانقة 172 ميدالية؛ منها: 65 ميدالية ذهبية، و58 فضية، و49 برونزية. وأنَّ حصيلة إيران بلغتْ 82 ميدالية؛ منها: 24 ميدالية ذهبية، و25 ميدالية فضية، و33 برونزية. وأوزبكستان 60 ميدالية؛ منها: 15 ذهبية، ومثلها فضية، و30 ميدالية برونزية. وأنَّ البحرين نالت 21 ميدالية؛ منها: 12 ميدالية ذهبية، و5 فضيات، و4 ميداليات برونزية. وأعتقد أنَّ حصول البحرين على هذا العدد من الميدليات يردُّ على وهم "ضعف الإمكانيات"؛ فالموازنة المالية للشقيق البحريني تعادلنا أو تقل، فدعُوْنا من قصة الإمكانيات والتجنيس؛ لأنَّ عدد سكان السلطنة ومواهب مواطنيها قادرة على تحقيق ما يصبو إليه جماهيرها بشرط التخطيط الصحيح والعمل الإداري والفني الممنهج، فابحثوا عن السبب الحقيقي الذي أعتقد أنه قصور إداري واضح، تزامنا مع غياب الخطط والبرامج المناسبة، فضلا عن الاستعانة بمن أسموهم الخبراء الفنيين ذوي الإنجازات العريضة! فلو كل خبير منهم قدَّم ورقة عمل صحيحة في السنوات العشر الأخير التي قضاها في منصبة لحدثت الطفرة الرياضية المرجوة، ولكن لا جديد يا خبراءنا الأعزاء، دعونا من الإنجازات الحنجورية والمسابقات الودية والخليجية والشاطئية التي تعزفون عليها ألحان المجد، وما هي إلا وهم كبير يعيش المشجع في شرنقته منفصلا عن الواقع.

وقد أستبق الردَّ من قبل اللجنة أنَّ الميداليات السبع التي تحققت -4 برونزيات و3 فضيات- إنجاز عطفا على المشاركة في خمسة ألعاب، ولكن السؤال الأهم: لماذا لم تُشارك باقي الألعاب في هذا الاستحقاق؟ وما دوركم وأعضاء عموميتكم الموقرة؟ أين لعبة كرة الطائرة من هذا المسلسل؟ لماذا لا تهبط طائراتكم ذات الجناح المكسور إلا في المطارات الخليجية؟ هل أصبحت أبواب الاتحاد مفتوحة من أجل مشاركة لا تغادر الخانة الودية يتنافس بها 4 أو 5 فرق ونعود منها بالبرونز، لتعلو هتافات مؤيديكم؟ هل أصبح تجاوز البحرين -على حد وصف أحد رجالكم- أمرا صعبَ المنال؟ هل يحمل منافسكم أسلحة خرافية لا عهد لكم بها؟ اعتذرتم عن المشاركة في البطولة العربية، واعتذرتم عن خوض التصفيات الآسيوية؛ وبالتالي لم تُشاركوا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، لِمَ الهروب والخوف من نتائج كارثية؟ فإذا كانت خطتكم مقصورة على تنظيم البطولات المحلية التي تشارك فيها فرق تعد على الأصابع وأن حدود طموحكم لا يغادر برونزية الخليج، فصارحوا الوسط بشفافية! لقد كشف فريق السلام أنَّنا قادرون، ولكن البعض قلل من قيمة إنجازه، أنسي الفني الهمام أنها لعبة جماعية بها 6 مراكز؟ وأين اتحاد السلة من هذا "الفيلم"، لا مشاركات ولا حس ولا خبر، وبناء على هذا النجاح الكبير مَنَحَت الجمعية العمومية ثقتها للمجلس لدورة جديدة! وأين اتحاد اليد؟ هل أضحت كل اهتماماته موجهة نحو البطولات الشاطئية؟ مبروك تأهلكم لكأس العالم الشاطئية، ولكن هل تدرون أنها بطولة غير أولمبية، رفضت البحرين وباكستان أن تشاركا في تصفياتها؟! لعبتكم الأصلية "كرة اليد للصالات" تعاني الأمرين: لا مدرب ولا خطة ولا هدف!!

وأخيرا: لماذا لم يُشارك مُنتخب السباحة في هذا الاستحقاق؟ أسئلة كثيرة تستوجب إصدار اللجنة التي غادر عدد من مسؤوليها باكو بعد يوم أو يومين من انطلاق البطولة.