نَعَم.. حصلتُ على استثناء

عبدالله الخاطري      

تتعدَّد وتتنوَّع الخدماتُ التي تُقدِّمها المؤسَّسات الخدمية في الدولة، وتكثُر المراجعات لدى تلك المؤسَّسات بُغيَة إنهاءِ وتخليصِ مُعَامَلةٍ مَا، وتختلفُ المُدَّة الزمنيَّة لإنهاء تخليصِ تلك المعاملةِ من مُؤسَّسة إلى أخرى؛ بناءً على نَوْع المعاملة، وعدد الكادر الوظيفي، وسرعة الإنجاز المتعوَّد عليها، والقانون الذي يُنظِّم تلك العملية...وغيرها من العوامل التي تُسهم بشكل أو بآخر في تأخير إنجاز تلك المعاملة.

ولكن، هل جميع المراجعين ستنجز مُعَاملاتهم في نفس المدة الزمنية، على فرض أنَّه توافرت نفس الظروف ونفس العوامل للجميع؟ بالطبع لا؛ فهناك في الجانب الآخر نجد من يملك شيئا من الوسائل والأدوات التي تجعل معاملته تمر مرًّا سريعًا، ولا تثبطها الإجراءات الروتينية التي تعدُّ عند البعض من بروتوكولات التميز الإداري.

"نَعَم، حصلتُ على استثناء".. يقولها مُفتخرا بسرعة إنجاز معاملته، بينما رفقاؤه الآخرؤن ما زال الطريق طويلا أمامهم، وقد يودع بعضهم الحياة ويُكْمِل ذلك المشوار أبناؤه.

"نَعَم، حصلتُ على استثناء".. من الوزير الفلاني، أو الوكيل الفلاني، أو المدير الفلاني، بينما الآخرون يُعانون الأمرين، والتأخير غير المبرَّر، وقد يكون ذلك الاستثناء أحد أسباب تأخر إنجاز معاملات الآخرين. وهنا، يجبُ على المسؤول أنْ يقفَ وقفةً جادةً مع نفسه، ويحاسبها قبل أن تحاسَب، وأن يُعِيْد برمجة المبدأ الذي يتعامل به مع المراجعين؛ بحيث ينظر إلى المعاملة نظرة مجردة من الأسماء والألقاب.

المادة (17) من النظام الأساسي للدولة؛ أشارت إلى أن "المواطنين جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي"، مادة قانونية يجب أن تكون حاضرة في ذهن المسؤول عند إنجاز معاملة أي مواطن، ومن قبل ذلك يجب أن تكون الآية الكريمة "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا"، حاضرة في ذهنه، مستشعرا في نفس الوقت عِظَم وثِقَل الأمانة التي أوكلت إليه.

كما أنَّ على أجهزة الرقابة واجبٌ كبيرٌ يتنامى يوما بعد يوم، وهو أن تكون على درجة عالية من الانتباه، وإنَّ قلة أو ضعف مُراقبتها لمؤسسات الدولة التي تقع تحت نطاق رقابتها سيؤدي إلى تفشي وتعاظم الفساد الإداري والمالي في المؤسسات الخدمية.

إذن؛ هل ستنتهي وتتلاشى كلمة "الاستثناء"، أم أنَّها ستبقى صامدة أمام القيم والقانون، أم أنَّها ستتلون بلون آخر جذاب؟!.. إجابة ننتظرها من المسؤول، ويفسرها لنا كواقع.

تعليق عبر الفيس بوك