علي بن بدر البوسعيدي
لا ينكر جهود وزارة الصحة في متابعة كل صغيرة وكبيرة إلا جاحد أو مكابر، ويكفي فقط ما تقوم به هذه الأيام في مختلف الولايات والمحافظات لمكافحة وتوزيع مصل الحصبة بعد اكتشاف عدد من الحالات؛ وقبلها مكافحة فيروس كورونا ومنعه من الاستفحال.
وما فتئت وزارة الصحة تسعى جاهدة لنشر مظلة الخدمات الصحيّة من مستشفيات ومرافق طبيّة على كافة أرجاء السلطنة حتى ينعم إنسان بلادي بنعمة الصحة والبدن السليم؛ فسلامة الروح من سلامة البدن، والإنسان المعافى هو وقود التنمية وفاعلها الأساسي..
وبالرغم مما سبق إلا أننا نلاحظ أنّ هناك نقصًا ملموسا في عدد الكوادر الطبية لاسيما الأطباء والممرضين، ويتضح ذلك عند مراجعة المرضى للمستشفيات الحكومية؛ حيث تُدرج مواعيد مراجعتهم على فترات متباعدة وطويلة تمتد أحيانا إلى ثلاثة أشهر؛ قد يفقد فيها المريض روحه أو تزداد حالته الصحيّة سوءاً.
أيضا من الملاحظات المهمة والتي تشوه الصورة العامة للخدمات الصحية أنّ المريض عند مراجعته الطبيب الحكومي لا يُحظى بذات الاهتمام الذي يجده في المستشفيات والعيادات الخاصة؛ علما بأنّ هناك مواطنين من ذوي الدخل المحدود وحالتهم المادية لا تسمح لهم بالتطبيب في العيادات الخاصة.
ثمة ملحوظة أخرى وهي أنّ عن قسم الـ vip في المستشفى السلطاني والذي يستقبل أحيانا كبار رجالات الدولة وضيوف عمان المهمين والرسميين من الدول الأخرى لم تجر له صيانة من زمن طويل، ويحتاجُ لتجديد الفرش والستائر وتعقيمها وصيانة أجهزة التبريد والتكييف وإضفاء لمسة جمالية عليه أكثر، إذ لا يعقل أن يدخل المريض المستشفى ليتعالج من مرض ويخرج بمرض آخر.
من يدخل إلى هذا القسم يصاب بشيء من الإحباط إذ لا تتناسب حالة القسم مع مبنى المستشفى وفخامته المستوحاة من البيئة العمانية الراقية، فالمستشفيات في هذا العصر بجانب وظيفتها الصحية فإنّها تؤدي وظيفة عُمرانيّة جماليّة وتساهم في المظهر العام والسياحة؛ هذا إن لم نقل أنّ جودة المستشفيات خدمة ومظهرًا تساهم في ما يعرف بـ"السياحة الطبية" وهذا أمر يجب أن تنتبه له الدولة؛ فبجانب سياحة المقومات الطبيعية والأثرية وسياحة المؤتمرات والمعارض لماذا لا تفكر الدولة في إنشاء "السياحة الصحية" التي تعتمد عليها كثير من الدول في رفد ميزانيتها بكم مقدر من المال، فمؤخرا أعلنت الحكومة التركية أنّها تهدف إلى كسب 9 مليار و350 مليون دولار من السياحة الطبية، وجذب أكثر من 2 مليون و350 ألف سائح للعلاج في عام 2018.. وطالما أننا نمتلك المقومات من موقع استراتيجي وموارد بشرية وخلافه، فلماذا لا نستفيد من ذلك في التنويع الاقتصادي، الأمر ليس عسيرا فقط نحتاج للتخطيط ووضع برامج متوسطة وطويلة المدى، وفي هذا الصدد أقترح إنشاء مديرية بوزارة الصحة تُعنى بالسياحة الصحية، تكون مهمتها سن الأنظمة وإنشاء خدمات الوساطة والتسويق والتوصيل، مع التركيز على جودة الخدمات الطبية وانخفاض تكلفتها حتى نكون بؤرة جذب في المنطقة..
نناشد وزارة الصحة القيام باللازم في أقرب وقت ممكن، وأن تسعى لمعالجة هذا القصور؛ ليس في المستشفى السلطاني فحسب بل في كل المرافق الطبية الحكوميّة، وأن تسعى لتجويد الخدمة المُقدمة والرعاية الطبيّة أكثر فأكثر.