منتدى عمان البيئي

علي بن بدر البوسعيدي

حبانا الله في هذه البسيطة بنعمٍ ومزايا كثيرة، وأولى هذه المكارم التي أسبغها المولى علينا هي الاستخلاف في الأرض، والوقوف على شأنها وإعمارها، والمحافظة على ما تزخر به موارد وبيئات متنوّعة تحقق خاصية التوازن وضمان الحياة..

وتستحضرني هنا كلمة جلالته السامية التي القاها في قمة الأرض بالبرازيل حين أشار جلالته إلى خطر إهمال المحافظة على البيئة والموارد الطبيعة، والركون إلى الرفاهية والتقدم الصناعي دون مراعاة للتوازن المفترض بين التنمية والبيئة، وانعكاس ذلك سلبا على غلافنا الجوي وطبقات الأوزون ومياه الأنهار والبحار وانقراض الحياة والغابات وتلوث التربة الخصبة.

ويجيء منتدى عمان البيئي الذي تنظمه جريدة "الرؤية" غدًا ولمدة يومين تحت شعار "الاستدامة في البيئة العمانية.. التحديات والآفاق المستقبلية" ليعبّر عمّا سبق وليلقي الضوء على المحاذير التي من شأنها أن تُحدث ضررًا بالبيئة العمانية؛ لاسيما وأنّ السلطنة تتميز بتنوع وثراء أحيائي متمثل في الأنواع النباتية المتعددة والكائنات الحيّة التي تختلف تبعاً لاختلاف طبيعة الأرض والمناخ، فهناك النباتات الصحراويّة وهناك نباتات المنطقة شبه المدارية كظفار بالإضافة إلى نباتات المناطق الأخرى الموجودة في الباطنة أو الداخلية أو حتى الواحات في بقية المناطق، كما أنّ تكوينات عمان التضاريسية من براري وسهول وجبال ومسطحات مائية تضم عددا وافرا من الحيوانات والطيور النادرة والمتنوعة؛ فهناك الغزلان والوعل والنمر والوشق والدلافين والسلاحف وصقر الأدهم وغيره من الطيور.

وسيناقش المنتدى عددًا من المحاور أبرزها خطط استدامة الموارد البيئية من أراض ومياه وغابات وثروات بحرية ومعدنية، بجانب مناقشة سبل الحد من استنزاف الموارد وواقع الطاقة الخضراء النظيفة، فضلا عن أهمية التوعية الإعلامية ورفع مستوى الوعي بضرورة المحافظة على البيئة وصون التنوع الأحيائي بالسلطنة، والذي بذلت فيه السلطنة جهودا عدة في السابق؛ عندما استشعرت الخطر الذي يهدد الحياة الحيوانية فقامت بإنشاء ست محميات طبيعية بالسلطنة؛ حماية لتلك الحيوانات ولأنظمتها البيئة ومكوناتها الحيوية إلى جانب حماية الخصائص والسمات الطبيعية.

إنّ أبرز الأخطار التي تهدد بيئة الأرض هي ظاهرة الاحتباس الحراري والذي بدوره يؤدي إلى الجفاف والتصحر والأمطار الحمضية؛ الأمر الذي يحتم على الجميع الاهتمام به وإيلائه العمل الكافي بالحد من الملوثات الصناعية وضرورة استدامة الغطاء النباتي الذي يساعد على امتصاص الغازات السامة والضارة بالإنسان.

"إنّ الحفاظ على البيئة مسؤولية جماعية لا تحدها الحدود السياسية للدول وعليه فإنّ للإنسان أينما كان أن يساهم في الحفاظ على البيئة، وإن يتصالح معها، وأن يتعامل معها بعقلانيّة، وأن ينتبه للمسببات الكثيرة للتلوث سواء طبيعة وبيولوجية أو صناعية وكيميائية وفيزيائية؛ وعلى كثير من الشعوب أن تحد من التكاثر العشوائي، وتحافظ على ما تبقى لها من مراعٍ ومياه، بعيدا عن مؤثرات التصحر والجفاف".