روح الفريق الواحد

 

علي بن بدر البوسعيدي

ما إن يتبارى فريقان كبيران سواء محليا أو عالميا حتى تجد الجميع متحلقًا حول الشاشة فاغرين أفواههم عجبًا وطربًا مرّة، ومستنكرين أداء لاعب ما مرة أخرى.. البعض منّا تصيبه حمى التشجيع فتراه يهتف ويرغي ويزبد حتى تحسبه أحد اللاعبين في الملعب؛ وربما يبلغ درجة من التعصب يستخدم فيها لسانه وعضلاته بدلا من عقله ومنطقه.. إنّها كرة القدم الساحرة المستديرة بكل ما فيها من مهارة وبراعة وإمتاع كروي لا يضاهى جعل منها اللعبة الشعبية الأولى في العالم..

ولكن في غمرة هذا التشجيع والهتاف والاهتمام العالمي هناك فلسفة لم نلق لها بالنا كثيرا في كرة القدم؛ وإن حللنا الأمر ببساطة فهناك 11 لاعبًا في كل فريق يركضون خلف كرة واحدة من أجل تسجيل هدف بين الثلاث خشبات.. ولن يستطيع أي لاعب التسجيل أو الوصول إلى المرمى بنجاح إلا بمعاونة ومساعدة زملائه اللاعبين.. وكل وظيفة وخانة في الملعب تفضي إلى الخانة الأخرى.. وكل خط في الملعب يصنع جسرًا مع التواصل أو الإرسال مع الخط الذي يليه؛ فحارس المرمى يتواصل مع خط الدفاع، والأخير هذا مع خط وسطه وصولا إلى الهجوم وإحراز الهدف الذي لن يتأتى إلا بمشاركة الجميع وعملهم معا بروح اسمها "روح الفريق الواحد" الذي إذا اختل منه خط تداعى له سائر الفريق بالانهيار ومن ثمّ الهزيمة..

في كرة القدم الحديثة نسمع مصطلحات "اللعب الجماعي" "الخطوط المتقاربة" " تباعد الخطوط بداية الهزيمة" "تحريك خطوط اللعب للإمام والخلف وفق إيقاع ونَفَسٍ واحد".. كل هذا يعني "روح الفريق الواحد"؛ وهي خلاصة وعظة وأحد الدروس العامة التي نتعلمها من كرة القدم، فالوصول للمرمى رهين بالعمل وفق روح واحدة، وهذا درس حياتي مهم بإمكاننا تطبيقه على شتى مناحي ومجالات الحياة؛ سواء كان ذلك في البيت أو النادي أو المؤسسة..

ومتى ما كنا نعمل جميعا بهذه الروح فسنستطيع قهر المستحيل وتحقيق نجاحات أكبر وأكبر، وترتبط روح الفريق الواحد بأسس الشراكة وأهميتها في الحياة في تحقيق النجاح الذي نطمح إليه جميعا.. وقد أثبتت التجارب أن نتائج العمل الجماعي أفضل بكثير من العمل الفردي، وأصبح الاتجاه العالمي للأعمال يُرجِّح فكرة العمل كفريق واحد ويرفض العمل الفردي ولو كان هذا الفرد صاحب مهارة نادرة.

إنّ "روح الفريق الواحد" تعني أهميّة تتضافر جميع الجهود في شتى المرافق والمؤسسات الحكومية والخاصة في معركة التنمية والعمل وفق نسق واحد صعودًا وهبوطا.. تقدمًا وحركة.. وهذه الروح لو قُدِّر لها أن تنتظم جميع مؤسسات الوطن فسنشهد نجاحًا منقطع النظير لعمان وشعبها.. وقديمًا قيل الشاعر:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّرًا

وإذا تفرّقن تكسرت آحادا

اللهم أدم مجد عمان واحفظ لنا جلالة السلطان..