عبيدلي العبيدلي
بعد غد الثلاثاء الموافق 3 مايو 2017، يلتقي في المنامة، نخبة من خبراء تقنية المعلومات والاتصالات، سوية مع مسؤولين في إدارات وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين، ومشاركة علماء في مؤسسات عالمية مثل اليونسكو، ومعهم مديرو شركات عالمية في المجال ذاته، محاطين بمديرين من المدارس الحكومية والخاصة في البحرين، في منتدى عالمي مختص بتقنية المعلومات والاتصالات في قطاع التربية والتعليم. ويناقش "منتدى التكنولوجيا والتعليم في الخليج" قضية في غاية الأهمية، هي التحول الرقمي عموما، وفي قطاع التربية والتعليم على وجه التحديد. والتحول الرقمي، كما ينوه إليه المدير التنفيذي لشركة "إس إيه بي" في السعودية والبحرين واليمن أحمد الفيفي، في تعليق له على "تقرير أصدرته مجلة (ذا إيكونوميست كوربوريت نتورك)، عملية ستشكل الثورة الصناعية الرابعة في العالم".
هذا يعني أنّ التحول الرقمي ليس مجرد زيادة في عدد الأجهزة المستخدمة، أو تحسينا في شبكات الربط الإلكتروني، بقدر ماهي عملية تحول مجتمعي شاملة تمس صلب السلوك الإنساني، وتمارس دورا جوهريا في تغييره. ومن هنا فمن الخطأ، وكما يحذر العميد متقاعد المنصر عامري، عضو الهيئة المديرة لجمعية قدماء ضباط الجيش الوطني التونسي أن تتحكم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، "مجموعة صغيرة من الخبراء وأصحاب الثقافة العلمية والتقنية"، وإنما ينبغي لها أن تتحول إلى ثقافة عامة، تمارس دورها "التحويلي" على أوسع نطاق ممكن.
وترتبط عملية التحول الرقمي، إلى حد بعيد بما أصبح يعرف باسم "أنترنت الأشياء" (IOT)، التي، كما تشير العديد من الدراسات "ستصبح قريباً واقعاً ملموساً، حيث يتوقع أن يرتفع عدد الأشياء التي تتضمنها شبكة الربط من 15 مليار حالياً إلى 50 مليار عام 2020 و500 مليار عام 2030. فأكثر من 99 بالمائة من الأشياء الملموسة لا زالت غير مرتبطة، ولنا أن نتخيل ما ستكون عليه الأمور عند ترابطها".
ووفقا لتقديرات شركة "سيسكو" فمن المتوقع أن توفر "إنترنت الأشياء فرصة بقيمة 19 تريليون دولار تتهيأ للحكومات والشركات حول العالم خلال السنوات العشرة القادمة". وعلى نحو موازٍ تتوقع أبحاث لمؤسسة IDC العالمية، ان "يصل معدل الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط وإفريقيا وتركيا خلال العام 2017 إلى 243 مليار دولار".
ووفقا لتقرير أصدرته مؤسسة غارتنر للأبحاث فمن "المتوقع أن تصل قيمة الإنفاق العام على السحابة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2 مليار دولار بحلول العام 2020 ".
وكما يبدو فإنّ منظمو المنتدى يدركون حاجة المنطقة العربية إلى مثل هذا التحول، الذي ما يزال في حالته الجنينية، فوفقا "للنتائج التي توصلت إليها مؤخراً دراسة أجرتها (دل تكنولوجيز) في 16 بلداً و12 قطاعاً، بما في ذلك منطقة مجلس التعاون الخليجي، فإن 4% فقط من الشركات التي شملتها الدراسة قد نفذت مبادرات التحول الرقمي، في حين أنّ 37% من الشركات لا تزال تخطط للاستثمارات الرقمية".
وبالقدر ذاته، يدرك المنظمون أيضا، أنّ هذا التحول قدر لا مفر منه، وهو أمر تؤكده الشركات الرائدة في هذا القطاع، كما يتحدث عنه نائب الرئيس الأول في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، في شركة "دل إي إم سي" محمد أمين، حين يؤكد على "أن التحول الرقمي بات ضرورة ملحة للشركات والمؤسسات، بخاصة المؤسسات المالية والمصرفية، ما يعمل على تقليل المجهود والتكلفة وزيادة الإنتاجية، بما يعود بالمنفعة على العملاء (مشددا على) أن الفترة المقبلة تحتم على الجميع تبني استراتيجية وسياسة ذكية، تعتمد على التحول الرقمي في ظل موجة التغيير السريع والمستمر الذي يعيشه العالم من حولنا".
هذا القدر المحتوم يشأن التحول الرقمي، اتفقت على تربصه بمن يرفضون الاندماج فيه، مجموعة من المشاركين في "قمة التحول الرقمي 2017"، كما جاء على لسان الرئيس التنفيذي لشركة "بريزم" بينيو فان لار هوفن، في إطار فاعليات معرض ومؤتمر سوق السفر العربي الذي انطلقت أعماله في 26 أبريل 2017، حين حذر الوكلاء التقليديون لشركات السفر مقابل من التحقوا بركب التحول الرقمي، قائلا "أن هذا الجزء من العالم يمتلك أعلى حصة للفرد من وكالات السفر إلا أن ما نسبته 50 في المائة منهم مهددون بخسارة أعمالهم خلال خمس سنوات ما لم يبادروا إلى إعادة ابتكار نموذج أعمالهم وعليهم أن يواجهوا التحديات في التحول الرقمي والالتقاء بجمهورهم المستهدف على منصتهم الرقمية المفضلة" .
ولم يكن هوفن يتحدث من فراغ، فقد بينت العديد من الدراسات والأبحاث التي تمسح بيانات أسواق السفر العالمية، بما فيها العربية، "أن وكالات السفر في أنحاء العالم كافة عانت من خسارة حصة كبيرة من عوائدها المالية خلال العقد الماضي بسبب ظهور وهيمنة وكلاء السفر الإلكترونيين". لكن ما يثير التفاؤل في النفس، أنه "وفقا لبيانات نشرت في يناير 2017 فقد ارتفع انتشار الإنترنت في الشرق الأوسط بنسبة /15/ في المائة سنويا حيث يتسارع عدد المستخدمين إقليميا إلى /150/ مليون مشترك وهي أعلى نسبة نمو في العالم حاليا".
سيجد المشاركون في (GEFT 2017) مادة غنية لمناقشتها، وآفاقا واسعة يحلقون فيها من أجل تلمس الخطوات المطلوبة للسير في طريق "التحول الرقمي" بالأمان المطلوب، والسلامة المتوخاة، لكن سلامة الطريق مرتبطة، إلى حد بعيد، وشكل وثيق، بوضوح الرؤية، وصفاء الهدف، وكفاءة العاملين، واستمرارية التطوير.