حمود الحاتمي
خرجت أنديتنا العمانية من المسابقات الإقليمية خالية الوفاض وتلقت خسائر من أندية تعاني من أزمات في بلدانها.
فنجاء الذي كنا نمني النفس بأن يذهب بعيدا لكونه يضم في صفوفه ثلث لاعبي المنتخبات الوطنية خرج من بطولة أبطال العرب فيما خرج صحم والسويق من البطولة الآسيوية وهما أيضا مدججان بنجوم المنتخبات الوطنية.
ولتخرج بعد ذلك الأقلام تلقي اللوم على وزارة الشؤون الرياضية تارة وعلى الاتحاد العماني لكرة القدم تارة أخرى.
وهذا السيناريو يتكرر سنويا وكأن هذه الأندية أخلت مسؤوليتها من تلك المهازل الكروية.
لم يتحدث أي متابع عن وضع الأندية إداريًا ماديًا وصارت أسطوانة قلة الدعم هي الشماعة التي نسمعها كل عام.
متى تدير الأندية إمكانياتها وتوظفها التوظيف الأمثل؟
بعين فاحصة نجد أنّ أنديتنا هي عبارة عن ملعب معشب، ونصف مدرج من جهة واحدة، وملعب ثلاثي متحفر ومكاتب إدارية أشبه بشقة مفروشة متهالكة، وجمهور يحضر حسب النتائج، ومجلس إدارة منتخب وبعد أسبوع من الانتخابات يستقيل أربعة ويبتعد ثلاثة ليصفو الجو بعد ذلك للجنرال رئيس النادي ومن معه وتدار هذه العملية بطريقة فردية، وغياب روح الفريق الواحد.
يتم التعاقد مع جهاز فني مغمور ولاعبون كانوا في قائمة البطالة في أندية أخرى أو لاعبون لمن يدفع لهم أكثر ودون مردود يذكر، ويتم إبعاد أبناء النادي بحجة أنّهم لاعبو حوائر ولا يرقوا أن يكونوا لاعبين في دوري المحترفين أو حتى المشاركات الخارجية.
وما إن تبدأ الجولات الأولى من المسابقات المحلية حتى تبدأ الإقالات تلوى الأخرى والنادي الواحد يمكن أن يغيّر أكثر من ثلاثة مدربين في الموسم وينطبق الحال على المحترفين الذين يتم التعاقد معهم ولديهم إصابات مزمنة.
هذا هو وضع أنديتنا وما خفي كان أعظم ولا زلنا نتغنى بالاحتراف.
هل هذه هي صورة الأندية التي نتمناها أن تخرج لنا لاعبين ترفد منتخباتنا الوطنية وتستقطب جمهور يجد ما يأمله في منشآتها من مرافق ويكون لديه انتماء حقيقي لهذه الأندية؟
إذا أردنا أن نتقدم، علينا أن نجعل الأندية تعيد النظر في وضعها، بحيث تعمل على تقييم إمكانياتها المادية والبشرية وبالتالي تبني هذه الأندية هيكلة واضحة لها تبدأ بإدارة تنفيذية للموارد المادية وتستعين بخبرات اقتصادية تعينها على استدامة هذه الموارد، وزيادة دخلها ومن ثم ستستغني تدريجيا عن المعونات الخارجية ومن ثمّ استقطاب كفاءات إدارية تساعدها على تطوير الكادر الإداري للأندية، وإعادة النظر في تقييم الفريق هل قادر على المنافسة والخامات تساعده على ذلك بحيث يبني فريقا قويا ومنافسا، ولا يتأتى ذلك إلا ببناء الفرق السنية التي ستكون القاعدة الأساسيّة للفريق الأول وهو ما يفعله نادي عبري اليوم الذي يبني فرقا سنية.
وتعمل كذلك تطوير المباني والاستعانة بالمكرمة السامية مليون ريال في بناء منشآت حقيقية تخدم شريحة كبيرة مع مراجعة كفاءة المنشآت الحالية في الأندية وأعادة تخطيطها بحيث تستوعب شرائح المجتمع ويستطيع الجمهور الاستفادة من خدمات النادي ومن هنا نستطيع أن نبني جمهورا عاشقا لناديه ونجعله يكون بيته الثاني الذي يمارس فيه هواياته، ومن هنا نغرس ثقافة الانتماء للنادي الذي ستتغير ثقافة الفوز والخسارة لديه.
وزارة الشؤون الرياضية تسعى جاهدة لمساعدة الأندية بالدعم المادي والمعنوي أمّا مهام اتحاد كرة القدم فهو المنظم للعبة كرة القدم وفق القوانين الدولية والجهتان لا تتحملان إدارة شؤون الأندية.
إذا أردنا أن تكون لدينا أندية ترفد المنتخبات الوطنية بلاعبين ذوي مهارة عالية فعلينا أن نبدأ بتقييم واقع الأندية المادية والبشرية من حيث مدخلاتها ومخرجاتها وبالتالي تصبح لدينا أندية تقدم خدمات لجمهورها وفرق قوية تقارع في مختلف المسابقات.
من هذا المنبر أقول لمسؤولي الأندية بهذا الوضع الحالي لن نتقدم خطوة للأمام وستظل مشاركاتنا نتائجها كارثية حتى المنتخبات ستخفق مرات ومرات لأنّ التخطيط سيء والمخرجات ضعيفة.
ولو ظلت هذه الأندية بهذا النهج فلن نذهب بعيدا وستتكرر النتائج الكارثية.
نريد حلا للخروج المبكر من المسابقات الآسيوية، والحل لا يكون إلا بخارطة طريق تبني ناديا بمختلف المستويات المادية والبشرية.
هناك مقترح لا يقبل من إدارة تترشح لإدارة نادي إلا بعد أن تكون قدمت برنامجا واضحا وفق خطة استراتيجية تحدث التغيير للأفضل وليس الأسوأ، وإعادة النظر في شروط الترشح من حيث المستوى التعليمي وكذلك المرشحين لا يكونوا من ممثلي الفرق الأهلية وإنما كل من لديه بطاقة انتساب كما شاهدنا انتخابات نادي السلام بحيث يتم انتخاب الأكفأ وبعيدا عن التربيطات بين الفرق الأهلية كما هو الحال في أندية أخرى.
مسيرة اتحاد كرة القدم السابق كانت ناجحة على الرغم من إخفاقها في النتائج لكنها أسست لكيان اتحاد يسير بهيكلية متكاملة تؤسس لبناء كرة قدم في السلطنة. وحسنا فعل الاتحاد الحالي أن واصل العمل ولم ينسف ما قام به الاتحاد السابق وقام بتصحيح بعض الأوضاع.
نتمنى أن تستفيد الأندية من تجربة الاتحاد السابق في بناء هيكلة إدارية لها وحينها سيكون لنا حضور قوي في المسابقات الدولية.. وأما ما نحن عليه اليوم فسيسير بدعاء الوالدين لا أكثر.