الشيخوخة النشطة

 

طالب المقبالي

 

تحظى الشيخوخة في بلادنا باهتمام كبير من قبل الجهات الحكومية والأهلية، تمثل في تقديم العديد من الخدمات والرعاية لكبار السن من وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة وجمعية أصدقاء المسنين، وغيرها من الجمعيات والمؤسسات التي تقدم خدماتها للمسنين.

كما تحظى هذه الفئة بالاهتمام من قبل مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التَّعاون لدول الخليج العربية في عديد المجالات، وأقرب مثال قرار مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر في دورته الثالثة والثلاثين بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية في شهر نوفمبر 2016، والقاضي بتنظيم ورشة عمل حوارية حول مفهوم الشيخوخة النشطة وتطبيقها في دول مجلس التعاون وذلك بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية بالسلطنة.

وقد تمّ فعلياً تنفيذ هذه الورشة بمنتجع ميلينيوم بولاية المصنعة بسلطنة عُمان خلال الفترة من 10 - 11 أبريل 2017، بمشاركة وفود تمثل الجهات المعنية في الدول الأعضاء ونخبة من الباحثين والعاملين في مجال كبار السن.

هذه الورشة خرجت بمجموعة من التوصيات والتي تمثلت في إنشاء نوادٍ ومراكز خاصة لكبار السن لمُمارسة الأنشطة الثقافية والاجتماعية، كذلك الدعوة إلى اعتماد أسبوع خليجي للاحتفال بكبار السن والتوعية بأهمية هذه الفئة واحتياجاتها، وكذلك العمل على تطوير مهارات العاملين مع كبار السن، لتتناسب مع مفاهيم الشيخوخة النشطة، كذلك دعوة الدول الأعضاء على منح كبار السن التسهيلات الخاصة ومنحهم الأولية في المرافق والخدمات العامة، كذلك منحهم تخفيضات في أسعار الخدمات الطبية والاجتماعية والحكومية وغيرها، بالإضافة وضع التسهيلات القانونية والتنظيمية لتشجيع كبار السن على الاستمرار في التدريب والتعلُّم مدى الحياة.

هذه الورشة جاءت كثمرة لتوصيات الدورة التدريبية للرعاية المنزلية المنعقدة في أكتوبر من عام 2016، في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة والتي اعتمدها مجلس وزراء العمل ووزراء الشؤون الاجتماعية بدول المجلس في دورته السادسة والثلاثين المُنعقدة في الرياض كما أسلفت سابقاً.

وفي كلمة لسعادة الدكتور وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بسلطنة عُمان أوضح فيها أنَّ طول العمر يمثل واحداً من أعظم التحديات على الصعيد الإنساني في أيامنا الحاضرة نتيجة التَّغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المُختلفة ومجترات الأوضاع الصحية والنفسية التي داهمت إنسان العصر الحديث، ما جعل الحاجة ماسة لإيجاد فارق لتعديل نمط وسلوك الحياة في مسار تجويد وتحسين نوعية الحياة، بما يضمن لمُسنِّي هذا العصر الاستمرار في حياتهم المتأخرة وفق أفضل التوقعات.

والحق أنَّ ثمة تغيراً طرأ على النظرة للمسنين في الوقت الراهن على المستوى الدولي حيث غدا المسنون يمثلون مورداً ثمينًا تم تجاهله لفترات طويلة يمكن أن يقدم إسهاماً عظيماً في إطار نسيج مجتمعاتنا المعاصرة.

فمن طبيعة حياة الإنسان أنَّه يمر في حياته بعدة مراحل عمرية، وبالتالي فهو يحتاج إلى رعاية استثنائية وخاصة في مرحلتي الطفولة والشيخوخة، وإن القيم الدينية والأخلاقية وحقوق الإنسان تؤكد على تقديم الرعاية المتكاملة وتوفير الحياة الكريمة لكبار السن باعتبارها واجب الدولة والمجتمع وحقاً لكبار السن. ولعل ما يُعزز هذا الواجب أيضًا، هو الاعتراف بما قدموه للمجتمع من خدمات، والتعبير عن بعض ما أسهموا به في خدمة بلادهم خلال سنوات عملهم وعطائهم.

وتسعى الدول إلى تفعيل مفهوم الشيخوخة النشطة active ageing من خلال الاستفادة القصوى من فرص التمتع بالصحة الجسدية والاجتماعية والعقلية طول العمر من أجل تحسين الصحة وإطالة العمر.

ويتمثل ذلك في الإسهام في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وممارسة العمل الرسمي وغير الرسمي، والعمل التَّطوعي، والمُشاركة السياسية، والمشاركة في الأنشطة الثقافية والروحية والمدنية، وتحقيق الأمن والحماية والسلامة من الأذى، وتمتع المسنين بالاستقلال والكرامة وتحقيق الذات، وكل ذلك في إطار مراعاة احتياجاتهم الفردية، وتفضيلاتهم الشخصية وقدراتهم البدنية.

ومن هنا أود الإشادة بالدور الذي تقوم به الجمعية العمانية لأصدقاء المسنين من خلال تقديم كافة الخدمات والرعاية للمسنين، وتقديم ما يحتاجونه من أجهزة مُعينة ومن رحلات ترفيهية، وحملات لأداء مناسك العمرة، وعمل رحلات للتخييم، والمشاركة في المهرجانات التي تقام في السلطنة كمهرجاني صلالة ومسقط، والتي تتمثل مشاركة المسنين بأعمالهم ومنتجاتهم الحرفية وتسويقها، وكذلك المشاركة في الفنون الشعبية والمساجلات الشعرية التي يجيدها المسنون.

ولا يُمكننا أن ننسى مبادرة "سهل حياتهم" التي أطلقتها الجمعية العمانية لأصدقاء المُسنين ممثلة في فريق جنوب الباطنة في شهر نوفمبر من عام 2016 المنصرم وذلك بهدف توفير الأجهزة الطبية لكبار السن ملازمي الفراش والمُقعدين في مُحافظة جنوب الباطنة من خلال دعوة أفراد المجتمع والمؤسسات والشركات للتبرع بما تجود به أيديهم لتسهيل حياة المسن ومُقدمي الرعاية.

muqbali@hotmail.com