دور البنك المركزي في تنظيم القطاع المصرفي

عبد القادر عسقلان

لاشك أنَّ البنك المركزي العُماني يتحمل المسؤولية الكاملة عن سلامة عمل البنوك بكافة أنواعها، إذ إنه يقوم بالمهام الرقابية كاملة على أعمال هذه البنوك ويتأكد من اتباعها للأنظمة المصرفية وفقاً للقانون المصرفي، وللإنصاف فإنَّ البنك المركزي يقوم بهذه المهمة بكل كفاءة واقتدار، ويلعب دوراً هاماً في المحافظة على سلامة عمل البنوك وسلامة محافظها الإقراضية، ولذلك فإنَّ نسبة الاحتياطات المأخوذة على المحافظ الإقراضية تعد متدنية مقارنة مع البنوك في مناطق أخرى.
أما فيما يتعلق بدور البنك المركزي في تنمية الاقتصاد فهنالك بعض الجوانب التي تتعلق بتفعيل عمل البنوك في مجالات التنمية، إذ ليس في صالح تنمية الاقتصاد أن تبقى نسبة القروض الشخصية الاستهلاكية تحظى بنسبة 45% من مجموع نسبة تسهيلات البنوك لكافة القطاعات في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة حالياً بالتركيز على تنويع مصادر الدخل القومي للاقتصاد العُماني.
وعليه فيجب أن توجه البنوك بجعل النسبة الكبيرة من تسهيلاتها لدعم وتمويل المشاريع الإنتاجية، وأعتقد بأن البنك المركزي يستطيع أن يلعب دوراً إيجابياً في هذا المجال وبحث إمكانية تحقيق ذلك مع البنوك، وكذلك بحث إمكانية مساهمة البنوك في مثل هذه المشاريع بأكثر من 15% وفقاً للقانون، فقد يساعد ذلك على سرعة تنفيذ هذه المشاريع مع توفير ضمان سلامة سير عملها من خلال مساهمة البنوك فيها، والمشاركة في إدارتها ولا أعتقد بأنَّ رفع نسبة الـ 5% وجعلها 15-20% سيؤثر على قوة السيولة لدى البنوك.
كذلك فإنَّ من الملاحظ حالياً ونتيجة لتقلبات أسعار النفط تأخير استلام دفعات مستحقة للمقاولين والشركات لدى الحكومة بمبالغ كبيرة جداً، بحيث لا تستطيع هذه الشركات احتمال تأخير استلامها لمدة طويلة، وهذا التأخير في دفع هذه المستحقات له تأثير سلبي على قوة ومتانة الوضع المالي لهذه الشركات، كما يؤثر سلباً على سلامة حركة حساباتهم لدى البنوك، وتأخير توريد دفعات لهذه الحسابات يؤدي إلى جعل جهاز التدقيق في البنك المركزي يقوم بتصنيف هذه الحسابات واعتبارها ديون مشكوك في تحصيلها، وهذا الإجراء سيزيد من مشاكل هذه الشركات ويحجب عنها أية تسهيلات من البنوك العاملة في السلطنة مع الأخذ في الاعتبار بأن مثل هذه المشاكل ستواجه الشركات المتوسطة والصغيرة وخاصة الشركات التي يرتبط عملها مع الشركات الكبيرة، فتأخير الدفعات سيجعل الشركات الكبيرة تتأخر في دفع مستحقات الشركات المتوسطة والصغيرة.
لذلك المطلوب من البنك المركزي باعتباره جهة حكومية أن يُحاول مُعالجة الأمر مع الأجهزة الحكومية ويحاول حل مشكلة تأخير الدفعات، إذ كيف يمكن أن يتم تصنيف حسابات هذه الشركات من جهة حكومية وهي البنك المركزي والمشكلة التي يواجهونها سببها جهات حكومية أخرى؟ وعليه يتوجب أن يقوم البنك المركزي بإجراء حوار مع الجهات الحكومية لمُعالجة هذا الأمر حتى تبقى هذه الشركات وبالتالي البنوك في وضع سليم، لأنَّ تصنيف حسابات هذه الشركات سيُؤدي إلى قيام البنوك بأخذ الاحتياطات اللازمة عليها، مما يؤثر سلباً على مستوى أرباحها إضافة إلى تدهور الوضع المالي لهذه الشركات، الكبيرة منها والصغيرة وبالتالي إفلاسها مما يؤدي إلى زعزعة الوضع الاقتصادي بشكل عام، الأمر الذي يوجب على الجميع أن يتحمل مسؤولية مُعالجة هذا الوضع لما له من نتائج عكسية على سلامة الاقتصاد ومتانته.
فالبنك المركزي من موقعه يستطيع المحافظة على سلامة البنوك وكذلك سلامة الوضع الاقتصادي من خلال المُحافظة على متانة الوضع المالي للشركات التي لها دفعات مُستحقة منذ مدة طويلة لدى جهات حكومية .