"التربية" تؤكد: الشراكة مع القطاع الخاص في تشغيل المدارس الحكومية لن تضع تكاليف مالية على الطالب.. ولا مساس بمجانية التعليم

مسقط - الرؤية
أكّدت وزارة التربية والتعليم أنّ خطط الشراكة مع القطاع الخاص لتشغيل وإدارة وتشغيل بعض المدارس الحكومية لن يضع أيّة تكاليف مالية على الطالب، مؤكدة أنّه لا مساس بمجانية التعليم في المدارس الحكومية.
وقالت الوزارة إنّه بعد إجراء عدة دراسات أوليّة في اقتصاديات التعليم قامت بها الوزارة في مجال التعاقد التشغيلي مع مؤسسات القطاع الخاص لإدارة وتشغيل بعض المدارس الحكومية، صدر قرار مجلس التعليم رقم (7/3/2016) القاضي بمباركته لتوجهات وزارة التربية والتعليم في إعداد دراسة للجدوى الاقتصادية من تشغيل وإدارة بعض المدارس الحكومية من قبل القطاع الخاص لتشجيع القطاع الخاص على زيادة الاستثمار في التعليم المدرسي بما يضمن رفع جودة التعليم ورفع كفاءة الإنفاق عليه، وفي إطار من التشريعات القانونية والإدارية والمالية والتربوية والإجراءات الواضحة، ومنظومة مؤشرات تربوية ترصد مقدار تلك الجودة وبما يضمن عدم المساس بحق الطالب في التعليم المجاني الذي تكفله الدولة، وحق ولي الأمر من أن يقدم لابنه تعليما نوعيا ذا جودة في ظل وجود نظام المحاسبية للكادر التدريسي والإداري بالمدرسة في إطار من التحضير والمحاسبية الواضحة.
وتشير الكثير من التجارب الدولية إلى أنّ تنوع الأساليب التي توظف من خلالها المُخصصات المالية لقطاع التعليم يسهم في رفع الكفاءة التشغيلية للمدارس، ويوفر فرصا متنوعة لأنماط إدارة النظم التعليمية وهو التنوع الذي يعد مطلبا لتحقيق الجودة.
وتؤكد الدراسات في مجال اقتصاديات التعليم أنّ مستقبل التعليم يجب أن يقوم على مبدأ الشراكة المجتمعية في الإدارة والتمويل، وهذا ما أكّدته اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن الواحد والعشرين في تقريرها حول تمويل التعليم في القرن الحادي والعشرين والذي يقوم على افتراضين؛ أولهما: الزيادة السكانية في هذا القرن ستؤدي إلى زيادة الطلب على التعليم، وثانيهما: تراجع القوة الاقتصادية للدول مع تناقص الموارد المالية، ونمو كبير للقطاع الخاص، ما يجعل من الصعوبة قيام الدول بتمويل تكلفة التعليم بشكل كلي على المدى البعيد.
لذا فإنّ السلطنة كغيرها من دول العالم يجب أن تنظر إلى إيجاد بدائل تمويلية لدعم الشراكة مع القطاع الخاص في مجال التعليم، لا سيما وأنّ سياسة السلطنة قائمة على دعم وتشجيع استثمار القطاع الخاص، وأكّدت ذلك التوصيات التي خرجت بها الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني (2020)؛ وكخطوة نحو إشراك القطاع الخاص في دعم التعليم تسعى وزارة المالية لدراسة زيادة مساهمة رأس المال الخاص في تقديم الخدمات التعليميّة بالسلطنة، وتؤكد وزارة التربية والتعليم دعمها لذلك، وترى أهمية المضي قدما في تعزيز هذا القطاع ورفع مساهمته للتخفيف عن كاهل الموازنة العامة للدولة من ناحية وللبحث عن مداخل مستجدة لتطوير التعليم وتجويد مخرجاته.
وعلى الرغم من الارتفاع الكبير الذي شهدته كلفة التعليم في السلطنة خلال السنوات الخمس الماضية تحديدا، إلا أنّ تطور أعداد الطلبة قلل من هذه المكاسب وجعل الحاجة إلى تطوير سياسات تمويل التعليم أمرا أكثر إلحاحاً، حيث توضح الإحصاءات أنّ الموازنة المخصصة لوزارة التربية والتعليم تضاعفت خلال السنوات العشر الماضية.
ومن المهم الإشارة في هذا السياق إلى أنّ إحصاءات وزارة الصحة تشير إلى تسجيل أكثر من 85 ألف مولودًا بنهاية عام 2015 وهي زيادة كبيرة عند مقارنتها بمعدل المواليد في الأعوام السابقة، وبالتالي فإنّ هذه المعدلات المتزايدة للمواليد تشير بشكل واضح إلى أنّ المرحلة المقبلة تستدعي تعزيز موازنة التعليم العام في الفترة المقبلة.
في ذات السياق تجدر الإشارة إلى أنّ جملة من الدراسات العلمية التقييمية التي نفذتها وزارة التربية والتعليم أجمعت على ضرورة البحث عن مداخل مستجدة ومستدامة لتمويل التعليم العام في السلطنة، كما أكّدت على ضرورة تمكين القطاع الخاص من القيام بدور أكثر فاعلية في التعليم العام في السلطنة من خلال خلق شراكات إدارة وتشغيل وتمويل التعليم الحكومي، وتشارك حاليا الوزارة بالتعاون مع وزارة المالية والبنك الدولي بتنفيذ دراسة حول جوانب الإنفاق في التعليم.
يذكر أنّ هناك مداخل متعددة تعتمدها النظم التعليمية حول العالم للتغلب على التحديات في قطاع التعليم من خلال أنواع الشراكة الممكنة مع القطاع الخاص، لعل أبرزها مدخل الإحلال أو المدارس المفوضة أو المدارس التعاقدية: وتعرف على أنّها "تعاقد أو ميثاق بين الحكومة ومؤسسة خاصة (فرد – أفراد مشغلين) وتعنى بأنّها مدارس حصل القطاع الخاص على تفويض "ترخيص" بشأن تشغيلها وإدارتها وهو ما يسمى بالتعاقد التشغيلي.
وفي هذا الصدد تقوم الوزارة بدراسة مدخل المدارس المفوضة "التعاقد التشغيلي" التي يمكن البدء بها في إطار التأسيس للشراكة مع القطاع الخاص حيث يعتبر هذا المدخل من أحد المداخل لدى العديد من الدول، ويتم من خلاله إسناد إدارة وتشغيل مدارس حكومية قائمة أو جديدة إلى القطاع الخاص نظير مبالغ مالية يتم الاتفاق بشأنها بين الوزارة والمتعاقدين من القطاع الخاص، وبعد أن تحصل المدرسة على إذن بالتشغيل تبدأ لتكون تحت الإدارة التشغيلية للقطاع الخاص كبداية تجريبية في هذا الجانب بالحصول على التمويل الرسمي، كما لو كانت مدرسة عامة رسمية وتتمتع بحريتها مقابل تعهدها بتحسين أداء الطلبة من خلال مؤشرات أداء محددة.
جدير بالذكر أنّ الشريك من القطاع الخاص يستطيع أن يوفر عدداً من الخدمات إلى جوار الشراكة في الإدارة والتشغيل مثل: خدمات مرافق البنية الأساسية (التصميم، البناء، الصيانة) وخدمات غير تعليمية (التمويل، نقل الطلبة) وخدمات الدعم (تسهيلات تقنية المعلومات، المكتبة، الملاعب، الصالات الرياضية) وتدريب المعلمين، وغيرها.
وتشير التقارير إلى أنّ ما يدعو إلى التوجه نحو هذا النوع من الشراكة مع القطاع الخاص في مجال التعليم يتمثل في وجود العديد من الإيجابيات التي يمكن أن يضمنها القطاع الخاص مثل: جودة الأداء وكفاءة التشغيل وفعالية الإنفاق وخفض التكاليف وتقاسم المخاطر وسرعة التنفيذ والمحاسبة على الأداء ومراقبة الجودة.
ومن أبرز الأهداف التربوية من الشراكة تغيير نشاط الحكومة من التشغيل للبنية الأساسية والخدمات العامة إلى: التركيز على وضع السياسات لقطاع البنية الأساسية ووضع الأولويات لأهداف ومشروعات البنية الأساسية ومراقبة مقدمي الخدمات وتنظيم الخدمة وغيرها.
وتؤكد الوزارة أنّ هذه الشراكة لن تترتب عليها أية تكاليف مالية على الطالب أو ولي أمره، حيث إنّ النظام الأساسي للدولة كفل مجانية التعليم للطلاب الدارسين في المدارس الحكومية، وفي حالة إقرار التوجه سيديره ويشغله نيابة عنها المؤسسات المتخصصة في مجال التعليم في القطاع الخاص بشكل تدريجي، وذلك في إطار ما تشير عليه المادة (13) من النظام الأساسي للدولة.

تعليق عبر الفيس بوك