خلفان الطوقي
لا يُمكن لعُمان أن تكون مثلما ينادي البعض كإمارة دبي الجارة الشقيقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأجزم أنَّه لا يمكن حتى للإمارات القريبة أن تكون مثل دُبي، فلكل منطقة ظروفها ومُعطياتها وتحدياتها وخصوصيتها، لكن يُمكننا أن نتعلم منها ما يُناسبنا ولا يفقدنا مقوماتنا التاريخية والحضارية، والتعلم من بعض المُمارسات الدولية سيضيف لبلدنا جمالاً فوق جمالها، والذكاء يكمن في الاستفادة من المعطيات المتوفرة والاستفادة من تجارب الآخرين وتطويعها لصالحنا.
أتحدث هنا عن المواقع الإلكترونية في المكتب الإعلامي لإمارة دُبي كمثال يمكننا أن نستفيد من تجربته، فهذا المكتب يوثق كل منجزات الإمارة من أحداث وشخصيات ومنجزات ليكون مرجعًا موحداً يحمل المصداقية ويتفادى أي تشكيك في المعلومة، ويحمل في طياته عشرات الأخبار المفرحة والمبشرة والإيجابية والتي تبعث الطمأنينة والأمل للجميع من مواطنين ومُقيمين وزائرين.
الوضع الحالي لنا الآن أن كل المؤسسات تنشر وتجتهد ولكن الأعمال المنجزة مُبعثرة وكأنها جهود شخصية وليس عملاً مؤسسياً مستداماً، تظهر تارة وتختفي تارة، فمن خلال طرحي يُمكننا أن ننقل هذه التَّجربة لعُمان ويكون هناك موقع إلكتروني مُوحد يوثق وينشر كل منجزاتنا المؤسسية والبشرية لعُمان والعمانيين والمقيمين والمهتمين بعُمان للعمل أو الاستثمار أو السياحة، فالأمر كما أراه ليس معقداً ولا يتطلب ميزانيات إضافية أو مكاتب أو توظيف جديد، لكنه يحتاج لإعادة إدارة وهيكلة الإمكانيات المتاحة حاليًا وحسن توظيفها لما يخدم الأهداف الوطنية.
توحيد الجهود في منصة إلكترونية واحدة تمثل "عُمان" يجعلنا أكثر قابلية لتوحيد جهود مؤسساتنا في أرض الواقع، كما أنّه سيجعل جميع الجهات تتنافس فيما بينها لتنشر إنجازاتها ومشاريعها، مما سيخلق أجواءً إيجابية مُبشرة لكل مواطن ولكل من يقطن هذه الأرض الطيبة بدلاً من السلبية التي يحاول البعض أن ينشرها لتأثره بالسلبيين الآخرين، كما أنَّ المنصة الواحدة ستُوثق كل المنجزات العمانية ولن تهمل أي منجز ولن يفوتها أي خبر يخص عُمان أو العمانيين الذين نتشرف بإنجازاتهم، وستكون مرجعاً ليس للعمانيين فقط بل لكل من يسعى لأن يتعرف على السلطنة، ويُمكن تطوير الفكرة لتكون باللغتين العربية والإنجليزية لكي نجعل المقيمين الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية مساندين وشركاء للترويج للسلطنة وعلى معرفة بالفعاليات والأحداث المهمة ليكونوا مساهمين وجزءًا منها، ويُمكن من خلال هذه المنصة نفي الشائعات إن وجدت لأنّ مثل هذه المنصة ستكون إحدى المواقع المحورية للتواصل بين الحكومة والمجتمع خاصة وأنّه تم الإعلان قبل عدة أيام عن دائرة التواصل المجتمعي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
أرى أنَّ الفكرة قابلة للتطبيق خاصة مع توافر البرمجيات الحديثة وغير المكلفة، وما على الحكومة إلا صياغتها وهيكلتها إداريا ومن خلال الموارد المتوفرة دون كلفة إضافية من الناحية المادية أو البشرية أو الفنية أو اللوجستية، ففي ظل المتغيرات الحاصلة والسريعة، على حكومتنا أن تفكر في الأدوات العصرية التي تتناسب مع الفئة المستهدفة والتي يمكن أن تصل لهم في أسرع وقت وعلى نطاق واسع وبأقل كلفة ممكنة، وعلى جهاتنا الحكومية أن تكون عملية ومُبادرة وسباقة وأسرع من الجمهور ومتمكنة من قراءة جيدة للحاضر وتحديات المستقبل وتعقيداته، وأهم من هذا وذاك مُنفذة للمبادرات العصرية التي تتناسب مع متغيرات الحياة والساعية لنشر الإيجابية وروح الأمل بين شبابنا المُقبل على الحياة، فعُمان معطاءة وكريمة، وحان الوقت لرد جزء من جمائلها.