مدرين المكتومية
هُناك نظريات كثيرة ومدارس أكثر تعدداً في التعريف بالحُب، ولكنهم أجمعوا على أنّه من أسمى المشاعر التي قد يعيشها الشخص، وهي المرحلة الفعلية لنقطة التغير سوى كان للأفضل أو للأسوأ ولأنني أجد أنَّ الحب شيئاً أساسياً في مُختلف التعاملات اليومية والحياتية، أرى أنَّه لابد أن يتم التَّعاطي مع الحب على أنه قيمة إنسانية يعيشها الناس فيما بينهم لا على أنه تجريم ومسألة خروج عن المألوف، أو أمر يحتاج إلى أن يدفع صاحبه الثمن غالياً، وأمر يُعاقب عليه القانون، فمع الأسف تعامل البعض منَّا مع الحب على أنّه كائن خلق للقتل لا للاستمرار.
فالحبُ مشاعر قبل أن يكون عملية عقلية، هو تلك الأحسايس المرهفة التي تعيشها صالحة، وتؤمن بها بشرى وتصدقها سامية، هو تلك الابتسامة المجبرة للخروج تحت ظل أي حزن، فالحب فكرة لا يُمكن أن تصل لأي شخص دون أن يشعر بها، الحب أن أبحث عن كل ماهو جميل في كل إنسان، لأستطيع تقبل الجميع على اختلاف أفكارهم وطبائعهم، الحب أن نُهدي باقات الورد الجميلة في غير أوقات المناسبات، أن نقدم هدايا جميلة في أوقات غير متوقعة عربوناً لمحبتنا، الحب أن يأكل غيري وأجوع أنا، أن أحب شيئاً وأتركه لغيري، وكل هذا قد يفهمه الجميع، لكن ما لا يفهمه البعض هو أنّ هناك تحدياً حقيقياً في الكيفية التي يُمكن أن يستمر بها الحب..
ولو ربطنا الحب بالزواج لوجدنا أنَّ هناك الكثير من العلاقات الزوجية التي بدأت بالحب وانتهت بالطلاق، وأخرى بدأت بالحب وظلت لسنوات طويلة، وهناك علاقات تفشل من بداية الطريق، وغيرها تنتهي بسبب الجهل، لأن الجميع لا يملك تلك العصا السحرية لتحويل الصعب لسهل أو تحريك الصامت، لأننا فعلاً نُعاني من الكيفية التي يجب أن نتعامل بها مع بعضنا البعض لنضمن استمرار الحب أو لنضمن على أقل تقدير استمرار علاقتنا بالآخرين.
العلاقة الزوجية كأيّ علاقة تمر عليها السنوات الأولى بكل ما فيها من جمال وسعادة لتصل لمرحلة الفتور، الفتور الذي يحتاج لصدمة لينتعش من جديد، تلك الصدمة التي تُعيد إليها بريقها، الصدمة التي تشعر الطرفين بأن العلاقة عشرة واحترام، وأن الحب الذي كان لازال مترجماً في التصرفات والتعامل، فالزواج مشروع يبدأ بطرفين لتكبر تلك الشراكة مع المستقبل وتزداد تحدياتها إلا أن نجاحها يتوقف عند أمر واحد فقط هو الاحترام.
الزواج والعائلة يعني أن نتجاوز الصدام، أن نعطي العذر، أن نرفض الاختلاف، أن نفكر أن كل شيء أمام اجتماعنا معاً في ليلة كُنّا ننتظرها كفيل بأن ينسينا أي موقف عابر، أو تصرف غير مقصود، فالحياة يجب أن تستمر ولا تتوقف، فلو تذكر كل مُحب قدر المعاناة التي لحقت به حتى أصبح مع من يُحب، لتنازل عن كل ما قد يعترض تلك العلاقة والحياة، فالحياة تحتاج لحكمة لتستمر، والبشر يحتاجون لمن يعرف كيف يستخدم تلك الحكمة ليعزز بداخلهم مشاعر الحب، فمن يُحبك حتى ولو لم يُخبرك ستصلك مشاعره، ومن يكرهك ستعرف ذلك من نظرته، وما بين الحب والكره تكون "أنت" لتختار الطريق الذي يمكنك من خلاله أن تصنع من نظرات الكره، ابتسامة حب خجولة تعطيك الأمل لقادم أجمل.
madreen@alroya.info