علي بن بدر البوسعيدي
غريبة جدا تلك التصرفات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية الجديدة من ناحية آلية تعاملها مع المهاجرين واللاجئين، إذ تثار شكوك بقوة حول مدى تمتعها بلقب "قلعة الحريات"، في ظل ما يتعرض له هؤلاء من اضطهاد ومضايقات قانونية وتشريعية؛ تحول دون تمتعهم بالعيش داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
من المفارقات أيضًا أن بلاد العم سام تحتضن واحدا من أهم التماثيل حول العالم وهو تمثال الحرية في ولاية نيويورك، وقد اشتهرت هذه البلاد بأنّها مفتوحة لمختلف أطياف جنسيات العالم؛ حتى أنّ مكوّناتها الرئيسية وبعض حكامها ومسؤوليها أصلا من جنسيّات عده استوطنت أمريكا في وقت سابق، مثل المكسيكيين والبرازيليين والأفارقة والعرب وكثير من الجنسيات الأخرى.
لكن مع مجيء الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، انقلبت البوصلة وأراد العمل في الاتجاه المعاكس، فحملته الانتخابية ارتكزت في دعايتها الرئيسية على بناء جدار بينه وبين المكسيك منعا لمجيئ مواطنيها، كما شنّ حملة مغرضة لمعاداة الإسلام والعرب بحجة أنهم هم أصحاب المشاكل.. ولم يقف الأمر عند ذاك الحد، بل أصدر أمرا تنفيذيا بعد توليه السلطة بمنع سبع جنسيات من دخول الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الحرية كما تدعي دومًا.
والعجيب أنّ هذه الدول السبعة هي كلها دول عربية وإسلامية، ورغم أنّ القائمة الثانية من الحظر لم تشمل العراق، لكنها اشتملته في القائمة الأولى، ويا للعجب أنّ العراق ذلك البلد الذي عاث الأمريكيون فيه فسادا واحتلوا وقتلوا حاكمه، والآن ما زالوا موجودين بها بحجة محاربة داعش.
تمادت هذه الإدارة في التضييق على كل مسافر مسلم أو عربي، حتى من البلدان التي لم يشملها الحظر، وتتعرض النساء لكثير من المضايقات؛ حيث يلزمونهن بالكشف عن وجوههن، وإن لم يقبلن يتم ذلك عنوة وبالقوة المُفرطة أحيانًا. ومؤخرا أظهرت وسائل الإعلام ذلك حتى أن زوج إحداهن أخذ يلكم شرطة المطار الواحد تلو الآخر بداعي ترك زوجته في حالها دون إزاحة نقابها.
في الحقيقة أنّه إذا ما استمرت هذه المضايقات فربما سيحوّل كثيرون رحلاتهم إلى دول أخرى أقل تشددًا من أمريكا، إلا أنه مع الأسف هناك طلبة عرب ومسلمون كثر في الولايات المتحدة سيصعب عليهم الأمر كثيرا، والآن حكومات عدة ستفكر كثيرا قبل إرسال البعثات إليها. وفي الجانب الآخر هناك الكثير من العائلات المُسلمة والعربيّة تعيش هناك منذ فترة طويلة؛ وهنا تكمن بعض المشاكل الاجتماعية؛ حيث إنّهم تأقلموا على الحياة هناك وانغمسوا وسط المجتمع الأمريكي وانصهروا فيه، ومن هنا تأتي المشكلة العويصة. فكل من يعيش هناك عقب مجيء ترامب في وضع تهديد ووعيد من السلطات الأمريكية، ومحل شك دائما، وذلك ليس قاصرًا على الجنسيات العربية والمسلمة، بل حتى دول أخرى.
لا بد للحكومات العربية والإسلامية أن تتخذ موقفا واضحا إزاء هذه الانتهاكات التي يتعرض لها أولئك الذين ينحدرون من أصول عربية ومسلمة، وأن يتكاتفوا لوقف مسلسل الإذلال والتحقير والاتهام بالإرهاب دون دليل.