ناصر العبري
شدَّ انتباهي المُلتقى الأكاديمي الاقتصادي الذي أقامته الكليلة التطبيقية بعبري بالتَّعاون مع فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان في الظاهرة والذي بُذلت فيه جهوداً كبيرة من قبل عميد كلية العلوم التطبيقية بعبري وفرع الغرفة بالظاهرة،
الملتقى كشف عن ابتكارات واختراعات كوكبة من أبنائنا وبناتنا الذين هم على مقاعد الدراسة سواء في الكليات أو مدارس المُحافظة والتي ظهرت من خلال المعرض المُصاحب، وأبهرت رواد المعرض،هذه الإبداعات لابد من توظيفها والاستفادة منها في رفد الاقتصاد، حيث إنّ الاقتصاد الحديث أصبح يعتمد اعتماداً كلياً على الابتكار والاكتشافات في دول العالم الأول مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
لقد أثبت لنا أبناؤنا وبناتنا أنَّهم قادرون على أن ينافسوا في هذا المجال إذا توفرت لهم الحاضنات والحوافز المطلوبة ولكن حين لا تجد المواهب حاضنات لها فإنّها تندثر، وربما تلفظ أنفاسها الأخيرة بلا عودة للحياة، لابد من أسرة ترعى المواهب مهما كانت، وتشجع الموهوبين باستمرار بشتى أنواع التحفيز؛ كالتحفيز المادي والمعنوي، والفخر بالفرد الموهوب، وتعزيز ثقته بنفسه وبموهبته.
من الأسرة يبدأ البناء كونها لبنة المجتمع تخرج ثمراتها إليه، ليُكمل هو بدوره العملية التنموية والتطوير للأفراد، وبذلك تتحقق سبل النهضة المجتمعية. لذا فعلى مؤسسات المُجتمع الخاصة والعامة والحكومية والمسؤولين فيها تسليط الضوء على المواهب الفذة، وتمهيد الطريق لتلك الصغيرة المخبأة. فكم من موهبة دفينة لا يدري عنها أحد إلا صاحبها!
من طرق تنمية المواهب لدى الأفراد خاصة النشء إقامة المُسابقات وتقديم المكافآت المجزية لأصحاب المواهب، وإنشاء مؤسسات ترعى المواهب بشتى أنواعها؛ فالاختراعات العلمية الحالية نشأت من مواهب علمية لدى مخترعيها، والأدبيات والفلسفات العميقة نشأت من مواهب أدبية يتحلى بها مؤلفوها. لذا لابد من الاحتفاء بأصحاب المواهب، وجعلهم قدوة لغيرهم وحثهم على المواصلة في إبداعهم بدعمهم وتلبيت احتياجاتهم، وتوفير سبل النجاح لهم، وفي هذا الإطار يجب الإشارة إلى المدارس التي تكتظ بالطلبة الموهوبين، وتحتاج تلك المواهب إلى استثمار كبير، والأخذ بيدها نحو الإنجاز ضمن رؤى مستقبلية واضحة، وبناء طموح عال لهم؛ كأن يتم مساعدتهم في الحصول على براءات الاختراع، والمشاركة في المسابقات العالمية، وتحفيز تطلعاتهم نحو الإنجازات الكبيرة.
إنَّ إعطاء الموهوب قيمة ثمينة لذاته، ومكانة قيمة تجعله يرى نفسه فرداً فعالاً في المجتمع، وعليه أن يصنع شيئاً ما ينفع الآخرين بموهبته التي سيسأله الله تعالى عنها فيم استغلها وأفاد منها. فانظر للتاريخ وأبحث فيه ترى كل العظماء والأفذاذ الموهبين من ورائهم من يدفعهم للوصول حتى نالوا ما استحقوا واستغلوا قدراتهم ومواهبهم في تحقيق أفضل ما يُمكن؛ فهذا توماس أديسون يعترف أنَّ أمه وراء نجاحه، وأنه حمل هم إنجاز شيء عظيم لأجلها، ولأجل ما منحته من دعم وثقة وإيمان بشخصه.