سلام لطائرة السلام

 

 

المعتصم البوسعيدي

خارج النص

رحل تاركًا إرثًا من المحبةِ والذكرى الباسمة، عهدي به في "لُحيظات" من الزمن القصير الماضي، بشوش اللقاء، كثير الصفاء، مُحبًا للوطنِ عاشقًا للأحمرِ هائمًا بالأخضر، سالم بهوان من زُرقةِ "العفية" إلى أضواءِ "العامرة" ومنها لفضاءاتٍ لا حدود لها، كنت هنا في سطورِ الحياة، ولك في الرياضةِ كما في الفن أثر، فسلام الله عليك في مرقدك الأخير.

 

داخل النص

لقد كان فوز ليستر سيتي بالدوري بالإنجليزي الممتاز الموسم الماضي علامة فارقة في الكُرةِ العالمية، أما في ألمانيا فما فعله نادي لايبزيج منذُ ميلاده في العام 2009م أقرب للخيالِ منه للحقيقة؛ فقد انطلق "بسرعة الصاروخ" من الدرجات "الدُنيا" حتى وصل "للبوندسليجا" بل وتصدر سلم الترتيب في فتراتٍ أولى من عُمرِ الدوري، وفي الدوحةِ حكاية بذات "الدراما" بطلها نادي لخويا، وقبل سنوات بسيطة فتح "الفتح" صندوق الدهشة بتحقيقه الدوري السعودي على حسابِ الزعيم والعميد وقلعة الكؤوس وشمس النصر، ومثل هذه الأمثلة متعددة على مستوى العالم، كما أنَّها ليست ببعيدة عنا مكانًا وزمانًا؛ حيث نادي السلام لكرة الطائرة نسجَ -ولا يزال ينسجُ- اسمه بحروف من ذهب؛ فجمعَ ثلاثة ألقاب محلية، وعزف لحنه "الرابع" على أوتار البطولة العربية بالبحرين، ووصل اليوم لمشهد التنافس المشروع على البطولة الخليجية 36 للأندية الأبطال في قطر والجارية حتى كتابة هذه السطور، فكيف فعل ذلك؟! وما سر هذا التفوق السريع؟!

في مساءِ سبتٍ لستُ أذكرُ تاريخه، ولا تفاصيل عناوينه، تسللَ إلى مسمعي عبر أثير إذاعة الشباب صوت الإعلامي المُتميز حسين العميري وهو يحاور أحدهم عن سرِ النجاح والتفوق، ما لبثتُ حتى تيقنتُ من صاحبِ الصوت الآخر، ذاكَ هو جمال المعمري مدرب نادي السلام لكرةِ الطائرة الذي كان له "اليد الطولى" فيما حققه ناديه وسط الظروف المُحيطة والبيئة الصعبة، والسرُ -حسب ظني- يتلخص بالقول: إن توفرت الإرادة والمنهجية الواضحة فكل الأمور الجيدة ستتوالى، من إدارة تؤمن بك، وناس تثق فيك، ودعم يتوافق معك، تتيح بعد ذلك تحقيق الإنجازات والبطولات.

فلسفة الفوز نستطيع البت فيها تنظيرًا وجعلها أيقونة لأي نجاح، لكن المشتغلين على أرض الواقع سيشرحون لك الأمر "من طأطأ لسلام عليكم"، وبروايات مختلفة بحكم أحداث قصتهم، وحتى أكون منصفًا لنفسي والآخرين؛ فأنا لا أجزم بمعرفة تفوق طائرة السلام بكل أبعاده حتى مع اجتهادي في تحصيلِ ذلك، لكن بالعودة للوراء قليلاً ومع نهاية الموسم المنصرم وبعد تحقيق "الثلاثية" سعى المعنيين بالنادي للحفاظِ على اللقبِ والتطلع للمشاركاتِ الخارجية بذات الإيمان، الإيمان بالفوز المبني على وضع خطة واضحة برؤية وأهداف محددة، فكانت التعاقدات والمعسكرات والحصول على رعايةٍ نجح فيها السلام بامتياز بعد توقيعه مع شركة "لاند سبورت" الوكيل الحصري لماركو الليجا الايطالية لرعاية الفريق للمشاركات المحلية والخارجية للموسم 2016 /2017م، والنتيجة "من جد وجد ومن زرع حصد" والسلام سارَ على هذا الدربِ، فوصل إلى المكانةِ التي هو عليها الآن.

سلامٌ لطائرةِ السلام، إنَّ في تحليقكم "لعبرة لمن يرى"، سلامٌ لطائرةِ السلام، رسالتكم وصلت -أو يفترض أنها وصلت- لكل نادٍ واتحاد، ولكل رياضي ومسؤول عن الرياضة، وللإعلام الرياضي وللجميع رسالة مفادها "سأل الممكن المستحيل: أين تقيم؟ فأجابه: في أحلام العاجز!!".