"الدولة" يقر مراجعة ازدواجية التخصصات في مؤسسات التعليم العالي .. ويوافق على دراسة تعديل قانون التنمية الاقتصادية

مسقط - الرؤية

أقرَّ مجلس الدولة أمس في جلسته العادية السادسة لدور الانعقاد السنوي الثاني من الفترة السادسة برئاسة مَعَالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة وبحضور المكرمين أعضاء المجلس وسعادة الدكتور الأمين العام، مقترح لجنة التعليم والبحوث حول دراسة "مراجعة ازدواجية البرامج والتخصصات في مؤسسات التعليم العالي "، مع تشكيل لجنة لصياغة المُقترح ووضعه في صورته النهائية.

 وفي مستهل المناقشة ألقى المكرم الدكتور عبد الله بن مبارك الشنفري رئيس لجنة التعليم والبحوث، كلمة قال فيها: إنَّ التعليم يعد أساس التنمية، والرافد الحقيقي لها بالكوادر الوطنية المؤهلة لدفع عجلة التقدم لأيّ مجتمع؛ لذا كان من اللازم أن تُولى برامجه وتخصصاته المختلفة عناية تامة من حيث جودتها؛ مما يعني وجود حاجة ماسة إلى تقييم تلك البرامج والتخصصات ومُعالجة التحديات التي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة منها. وهذا ما أكد عليه مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله-في خطابه الذي ألقاه بمناسبة انعقاد مجلس عُمان في عام ٢٠١٢م؛ حيث قال جلالته: وخلال الفترة المنصرمة طبقت في عُمان أنظمة ومناهج تعليمية متنوعة وبرامج تدريبية وتأهيلية متعددة إلا أنَّ الأمر يتطلب إيلاء عناية أكبر للربط بين مُخرجات التَّعليم ومتطلبات سوق العمل. لذلك فإنّه من أولويات المرحلة التي نمر بها والمرحلة القادمة التي نستشرفها مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه وتطويرها بما يواكب المتغيرات التي يشهدها الوطن والمتطلبات التي يفرضها التَّقدم العلمي والتطور الحضاري وصولا إلى بناء جيل مُسلح بالوعي والمعرفة والقدرات المطلوبة للعمل المُفيد".

 وأضاف المكرم رئيس اللجنة: من هذا المُنطلق برزت أهمية تسليط الضوء على موضوع ازدواجية البرامج والتخصصات في مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة، والتي بدأت تتضح جلياً من خلال مؤشرات أكدتها الاستضافات التي عقدتها لجنة التعليم والبحوث مع الجهات المعنية بالتعليم، وأشارت إليها تقارير بعض تلك الجهات.

وأكمل بالقول: وإدراكًا من لجنة التعليم والبحوث بمجلس الدولة لأهمية الموضوع فقد ارتأت مراجعة "ازدواجية البرامج والتخصصات في مؤسسات التعليم العالي"، بهدف توجيه مؤسسات التعليم العالي نحو التخصصية في طرح برامجها بما يُساعد على تركيز هذه المؤسسات على تخصصات معينة بدلاً من تشتيت جهودها ومواردها في تخصصات متنوعة بشكل كبير، حيث هدفت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على آثار ازدواجية البرامج والتخصصات في مؤسسات التعليم العالي ومظاهرها، وتحديد آثار الازدواجية على جودة المخرجات وقدرة سوق العمل على استيعابها، وتحديد التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي في تفادي حدوث الازدواجية ووضع التوصيات واقتراح الحلول المعالجة لازدواجية البرامج أو التخصصات في السلطنة..

وأشار إلى أنَّه تمَّ تشكيل لجنة فرعية مصغرة لدراسة الموضوع، وتمت مناقشة الموضوع من قبل لجنة التعليم والبحوث في عدة اجتماعات، كما تم استضافة عدد من المسؤولين من وزارة التعليم العالي وجامعة السلطان قابوس، ووزارة القوى العاملة.

عقب ذلك استعرضت المكرمة الدكتورة ريا بنت سالم المنذرية محاور دراسة "مراجعة ازدواجية البرامج والتخصصات في مؤسسات التعليم العالي"، مبينة أنّ الدراسة تركز على ازدواجية البرامج والتخصصات في مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة وآثارها، من خلال تسليط الضوء على هذه البرامج والتخصصات الأكاديمية المتشابهة التي تطرح في مؤسسات التعليم العالي المختلفة في ظل غياب التنسيق الملائم بينها مما يؤثر على جودتها، وأشارت المنذرية إلى أنَّ هذه الازدواجية تؤدي كذلك إلى تشتيت الجهود واستنزاف الموارد المالية والبشرية، إضافة إلى تباين مستوى جودة المخرجات في ذات البرامج والتخصصات بين مختلف المؤسسات، ولفتت إلى أنَّ الازدواجية تتسبب كذلك في صعوبة التحكم في أعداد المخرجات بما يتناسب واحتياجات سوق العمل، علاوة على صعوبة توفير كفاءات تدريسية ذات جودة عالية لكل المؤسسات بسبب تكرار التخصصات، خاصة في ظل المنافسة العالمية والإقليمية في الطلب على الكفاءات .

وأفادت المنذرية أن الدراسة شخصت أسباب الازدواجية وآثارها السلبية والتحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي لتفادي حدوثها، كما اقترحت الدراسة بعض التوصيات التي تحد من آثارها بما يسهم في إيجاد منهجية أكثر تنظيما في طرح البرامج والتخصصات .

وبينت أن التحديات التي واجهت الدراسة تمثلت في صعوبة الحصول على مؤشرات دقيقة تتعلق باحتياجات سوق العمل؛ نظرا لعدم وجود جهة محددة بعينها تتولى مسؤولية هذا الأمر، وتعدد المؤسسات المعنية بالترخيص للبرامج والتخصصات المطروحة؛ مما سبب تبايناً واضحًا في شروط تلك البرامج والتخصصات ومعاييرها، وتركيز معظم المؤسسات على تحديد احتياجاتها الحالية وليس المستقبلية؛ مما يجعل تحديد البرامج والتخصصات المطروحة في مختلف مؤسسات التعليم العالي مستندا على اجتهادات تقديرية وقلة توافق البرامج والتخصصات المطروحة في مؤسسات التعليم العالي مع فرص التوظيف المتاحة في سوق العمل.

وقالت إن الدراسة خلصت إلى عدد من التوصيات من أهمها:تحديد توجهات سوق العمل وحاجته المستقبلية من التخصصات بشكل أكثر دقة وواقعية وتفصيلاً من قِبل الجهات المعنية، وضرورة وجود نظام موحد لتحديد آلية الترخيص للبرامج والتخصصات المطروحة في مؤسسات التعليم العالي كافة، تشرف عليه لجنة تخصصية ممثلة لجميع الجهات ذات العلاقة، وتكون لها سلطة اتخاذ القرار، وتوجيه مؤسسات التعليم العالي نحو التخصصية في طرح برامجها، بما يساعد على تركيز هذه المؤسسات على تخصصات معينة بدلاً من تشتيت جهودها ومواردها في تخصصات متنوعة بشكل كبير، وتعزيز دور اللجنة التنسيقية لمؤسسات التعليم العالي الخاص بما يكفل التغلب على تحدّي شتات الجهود بين مؤسسات التعليم العالي الخاص، الأمر الذي كان له دور في ظهور إشكالية الازدواجية بين برامجها وتخصصاتها، والتعجيل في إصدار قانون التعليم العالي بما يجعل الجهود أكثر تنظيماً ويضمن منهجية واضحة في معايير القبول وآليات طرح البرامج والتخصصات.

 إلى ذلك وافق مجلس الدولة على مقترح برغبة اللجنة الاقتصادية لدراسة تعديل قانون التنمية الاقتصادية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ( 9/75) .

وقد أجمل المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس اللجنة الاقتصادية مبررات المقترح بانقضاء فترة زمنية طويلة على صدور قانون التنمية الاقتصادية لسنة 1975، وأن كثيراً من التعديلات قد تمت على هيكل ومكونات القطاع الاقتصادي، وتم إعادة تشكيل العديد من الجهات وإلغاء البعض ودمج الآخر، كما أن بعض اختصاصات مجلس التنمية قد آلت عملياً إلى بعض الجهات، كما أن منهجية عمل مجلس التنمية قد تم توزيعها على جهات مختلفة، مشيرا إلى أن بلوغ الأهداف الإنمائية يتوقف بدرجة كبيرة على مدى التناغم والتجانس بين القوانين الفاعلة للتنمية الاقتصادية، وتعتبر مراجعة التشريعات والقوانين من الضروريات المرتبطة بمراحل العملية الإنمائية، مبرزا أهمية التأكد من مدى توافق قانون التنمية الاقتصادية لسنة 1975 مع المنهجية الحالية للتخطيط الإنمائي، وإستراتيجية الدولة والرؤية المستقبلية، إضافة إلى التأكد من قدرة قانون التنمية الاقتصادية على مجابهة التحديات المختلفة التي تواجه الاقتصاد الوطني، ومعالجته للثغرات القانونية بين الجهات التنفيذية، لضمان سلامة أداء الاقتصاد الكلي ومتانته.

واطلع المجلس خلال الجلسة على تقرير حول مشاركة المجلس في المؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية، كما اطلع عل برنامج التعاون بين المجلس وجامعة السلطان قابوس، ومحضر اجتماع مكتب المجلس مع المكرمين رؤساء اللجان الذي عقد في يناير الماضي .

تعليق عبر الفيس بوك