"أحمر الشواطئ".. شكراً على كل حال

 

أحمد السلماني

مُنتخبُنا الوطنيُّ لكرةِ القدم الشاطئية، الذي عوَّدنا على الحُضُور القوي في الاستحقاقات الدولية؛ لرَقمه الصَّعب في كلِّ البطولات التي يخوض غمارها وتتويجه بألقاب بعضها، ترنَّح مؤخرًا واهتزَّ عرشُه الآسيوي، وخَرَج من الباب الضيِّق؛ لتنهال عليه الانتقادات القاسية في شتى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي وصلتْ في بَعْضِها إلى حدِّ نَصْب المقاصِل، والمطالبة بتنحية الجهاز الفني بقيادة القدير طالب هلال، وحلِّ المنتخب بالكامل. وهنا أقول: إنَّنا نعذُر الجميع؛ لأننا اعتدنا على القمَّة، وكان من الصعب استيعاب هذا الخروج، ولكن مِمَّا يُؤْسَف له أنْ تَصْدُر مثل هذه الأحكام التي تصب في خانة "ردات الفعل العاطفية" من أقلام لها وزنها وحضورها.

لِنَهْدَأ يا أصدقائي، تُوِّجنا باللقب الآسيوي وحلَّقنا نحو العالمية، وكل شيء يحلق لا بد له أن يهبط ويستريح، ثم يواصل طيرانه. ومؤكد أنَّ للإخفاق الآسيوي عواملَ تستوجب إخضاعها للتقييم المنطقي من قبل المختصين فقط لا سواهم، وليجنبنا من يجلس خلف لوحة المفاتيح والقلم والقرطاس والجوال فلسفته، فكرة القدم الشاطئية العُمانية قامت من العدم واكتسبناها بصيغتها المنتظمة الحالية من أشقائنا الخليجيين؛ ليتفوَّق التلميذ على معلمه، ويطيح به، بل ويتجاوز حدودَ المنطق والعقل؛ ليتعملق آسيويًّا وعالميًّا، ويبز أقرانه، بل ويتفوق عليهم، وهذا ما كان ليتأتَّى لولا رِجَال صدقوا ما عاهدوا الوطن بإخلاصهم لشعار السلطنة. إذن، فكل من يُطالب بالإقصاء والتنحية إنما هو يتناسَى، وناكر لجميل ما صَنَع هؤلاء الأبطال طوال السنوات الست الفائتة.

الكلُّ يذكر حالة النكران والحرب الشعواء التي شُنَّت من قبل من يفقه في كرة القدم أو لا، خاصة الإعلام الرياضي والفضاء الإعلامي الجديد وغير المسؤول، والمطالبة بإعادة غربلة المنتخب الوطني الأول إبان جيله الذهبي الذي وضع الكرة العُمانية على خارطة كرة القدم إقليميا وقاريا، بعد إخفاق الصعود للنهائيات الآسيوية؛ ليستغل ذلك جهازه الفني والذي كان أولى أن يرحل ويقوم بعملية إحلال واسعة؛ حيث لم يبقَ منهم سوى 4 فقط، رغم أنَّهم كانوا قادرين على العطاء لسنوات أخرى، لتنطفئ شعلتهم وتتنفس المنتخبات الآسيوية الأخرى الصعداء بعد تناثر حبات لؤلؤ "برازيل الخليج"... وماذا كانت النتيجة؟ أتمنى على كلِّ مَنْ طَالَب بذلك أن يُراجع التصنيف الدولي لمنتخبنا الأول، أتمنى أنْ لا يطأطئ رأسه.

وها هُو السيناريو ذاته أراه يتكرَّر في كلاكيت مرة أخرى، لأقول للجميع: كرة القدم الشاطئية لها ناموسها الخاص، وتفاصيل كثيرة مهمة تعتمد على العامل البدني والخبرة المختزلة، وهذه يَحْسِدُنا عليها الأشقاء والأصدقاء من المنتخبات الأخرى، وكل ما أتمناه أن يتعاطى اتحاد الكرة مع مشهد الخروج بتأنٍ وعقلانية، وإخضاع المشاركة للتقييم الفني؛ بما في ذلك إشراك الجهاز الفني واللاعبين في جلسة مُصارحة وبتجرُّد تام، ومن ثم تحليل النتائج، وبعد ذلك الخروج بقرارات سليمة تصب في خانة عودة "عملاق آسيا الشاطئية" للواجهة القارية والدولية، وإذا كان لا بُد من الإحلال، فأتمنَّى أن يكُوْن مُمنهجًا، وبالتدريح يا أَحِبَّة.