الاستثمار من بلد العجائب

 

 

فايزة الكلبانية

 

من الهند بلد العجائب والغرائب؛ أبعث إليكم بسطور مقالي الأسبوعي هذا، وكما نعلّم جميعا أنّ الهند هي فعلا "بلد العجائب" وذلك لتعدد ثقافاتها وعاداتها وتقاليدها ودياناتها؛ حيث يأتي تنظيم الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات "إثراء" لزيارة عدد من الجهات الاقتصادية والمسؤولين إلى جمهورية الهند، وذلك بالتنسيق مع اتحاد الصناعة الهندية (CII) والسفارة العمانية بجمهورية الهند من أجل الترويج وجذب المزيد من الاستثمارات والتعريف بالفرص الاستثمارية بالسلطنة ضمن حملة "استثمر في عمان"؛ وذلك من خلال الالتقاء بكبار المستثمرين ورجال الأعمال والشركات الهندية الرائدة في قطاعات الصناعات الكيمائية والمعدات والمعادن والقطاع السياحي وغيرها، ويشارك في الوفد العماني عدد من الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص وتضم كلاً من هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وشركة مسقط الوطنية للتطوير والاستثمار (أساس) وشركة كيمجي رمداس وشركة ميناء الدقم وشركة عمان اللوجستية "خزائن".

تباينت ردود فعل الشارع العماني حول هذه الخطوة فهناك من نظر لها بعدم الرضا والتساؤل، حيث يرون أنّ السلطنة تزخر بعدد هائل من العمالة الهندية، وأن هناك مشاريع يملكها مستثمرون هنود، ولخصوا مجمل قولهم في جملة أنّ السلطنة لا ينقصها المزيد من "الجالية الهندية" بمختلف أهدافهم..

ولكن ما لا يعيه هؤلاء أنّ الهند تعد اليوم واحدة من أكبر الدول التي تتميز بوفرة السيولة النقدية لديها "cash money" هذا إلى جانب قرب الهند من السلطنة وسهولة الترابط والتعاملات بحكم قوة العلاقات التجارية العمانية الهندية منذ القدم، كما أن الجالية الهندية - أكبر جالية في السلطنة - عُرفت بالإخلاص والعمل الجاد والتفاني وتنتشر عبر طيف كامل من المهن؛ حيث يعمل الآلاف من الهنود كأطباء ومهندسين ومحاسبين قانونيين ومعلمين ومحاضرين، وممرضات، ومديرين... إلخ، ويعمل عدد كبير من الأطباء في السلطنة في المستشفيات الحكوميّة والعيادات في القطاع الخاص. وهناك أيضًا بعض الأكاديميين الهنود يعملون في مختلف الإدارات والكليات التابعة لجامعة السلطان قابوس، مما يعني أنّ الجالية الهندية لديها مساهمات كبرى إلى جانب غيرهم من الأشقاء الوافدين في إثبات بصمة وجودهم الإيجابية باقتصاد السلطنة في شتى المجالات، حيث توجد ما يقارب 19 مدرسة هندية تعمل في سلطنة عمان.

وحسب تقرير للبنك ألبن كابيتال للاستثمار في مايو 2012، تقع عمان كثاني أكبر مستثمر بين دول مجلس التعاون الخليجي في الهند والسجلات توضح أنّ الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمي في سلطنة عمان نما من 24 مليون دولار أمريكي في عام 2005م إلى 340 مليون دولار وذلك اعتبارًا من يناير 2012 م. أسس حوالي 1530 مشاريع العمانية الهندية المشتركة بالسلطنة باستثمار قدره 7.5 بليون دولار أمريكي حيث يصل الاستثمار الهندي فيها حوالي 4.5 بليون دولار أمريكي. وقد وضعت آليات مؤسسية مختلفة مثل اجتماع اللجنة المشتركة (JCM) ومجلس الأعمال المشترك (JBC) للإشراف على التعاون الاقتصادي بين الهند وسلطنة عمان. وعقدت الجلسة السابعة للجنة المشتركة والدورة الثامنة لمجلس الأعمال المشترك في نيودلهي في أكتوبر 2014 م وذلك بالتنسيق بين اتحاد غرف التجارة والصناعات الهندية (FICCI) وغرفة تجارة وصناعة عمان (OCCI) مع إقامة المعارض العمانية/ الهندية في مدينتي نيودلهي ومومباي. كما أسس صندوق الاستثمار العماني/ الهندي المشترك (OIJIF) كمشروع مشترك بين استيت بنك اوف إينديا والصندوق الاحتياطي للدولة في سلطنة عمان في يوليو 2010 وذلك للاستثمار في الهند حيث بدأ العمليات في عام 2011 م برأس مالي مبدئي قدره 100 مليون دولار أمريكي حيث تمّ إيداعها كليا. وكذلك النسخة الثانية من رأس المال وقدرها 300 مليون دولار أمريكي في مشروع الأنابيب، وبلغ معدل الصادرات الهندية إلى عمان حوالي 1 بليون دولار أمريكي خلال 2009 - 2010، لتصل إلى ما يقدر بـ 2.2 بليون دولار أمريكي 2015 -2016 وفقا لآخر تصريحات مدير عام الأسواق الأوروبية والشرق الأوسط وشرق إفريقيا فيجي راي على هامش هذه الزيارة.

هذا إلى جانب وجود عدد من الاستثمارات الهندية العمانية المشتركة ومن أهمها الشركة العمانية الهندية للسماد في صور برأس مال قدره 969 مليون دولار أمريكي، وتّعد أكبر مشروع مشترك للهند في الخارج حيث بدأت أعمالها في يناير 2006 مع اتفاقية طويلة الأجل لإعادة الشراء وبموجبها تستورد الهند كامل الإنتاج من 1.6 مليون طن من اليوريا المحبب و0.255 مليون طن من الأمونيا من مصنع صور. وتم التوقيع على اتفاق حول السعر المعدل لتوريد الغاز للمصنع في يوليو 2012 م. بالإضافة إلى مصفاة بهارات عمان المحدودة؛ وهي شركة مساهمة أسست بالتعاون من بهارات بتروليوم كوربوريشن ليمتد وشركة النفط العمانية المحدودة حيث يصل إنتاجها إلى 6 ملايين طن متري سنويًا وذلك في منطقة بينا في مقاطعة ساجار من ولاية ماديا براديش جنبا إلى جنب مع نظام إمدادات الخام. وافتتحت مصفاة بهارات عمان المحدودة في مايو 2011 وهي مشروع بتكلفة 2.4 مليار دولار أمريكي. إلى جانب جندال حديد والطاقة المحدودة حصلت عن طريق فرعها بالسطنة شركة شديد للحديد والصلب المحدودة ش م م على مساهمة قدرها 464 مليون دولار من أبوظبي الغيث القابضة. وقد وسعت شركة جندال شديد للحديد والصلب أعمالها حاليا بتأسيس وحدة جديدة إلكتريك آرك فرناس ولادل ريفيانري فرناس. كما وقعت اتفاقية قرض مع بنك مسقط قدره 725 مليون دولار أمريكي وذلك لتمويل وحدتها الجديدة. كما يوجد لدى شركة لارسن وتوبرو مشاريع مشتركة كبرى مع مجموعة الزبير وهي لارسن وتوبرو عمان ش م م، لارسن وتوبرو الكتروميكانيك، لارسن وتوبرو لوحدات التصنيع و لارسن و توبرو للصناعات الهندسية الثقيلة ش م م.

اليوم تتعدد مجالات التعاون العماني الهندي المشترك، وستشمل أبرز القطاعات المستهدفة لتنويع التبادل التجاري العُماني الهندي في المرحلة القادمة قطاعات: التصنيع، والخدمات، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والطاقة المتجددة، وإدارة المياه، ومنتجات المطاط، وتصنيع الأدوية والمواد الكيميائية والتكنولوجية، وغيرها من فرص الاستثمار، التي تؤكد على أهميّة المسارعة في إصدار "قانون الاستثمار الأجنبي" لتتضح مزايا وحوافز جذب المستثمرين أكثر في ظل الاستمرار بمطالبة الواقع الاستثماري لمزيد من التسهيلات والترابط في تعزيز نظام المحطة الواحدة عبر بوابة "استثمر بسهولة" أو "المحطة الواحدة" لسرعة إنجاز الأعمال في ظل تخوّف المستثمرين من مغامراتهم بالاستثمار في أي أرض خارج حدود بلادهم الأم.

faiza@alroya.info