فلسفة اتخاذ القرار

 

يعقوب الشعيلي

 

أصبح اهتمام العديد من دول العالم اليوم بإعداد صف ثانٍ من القيادات القادرة على قيادة التقدم والتطوّر في جميع المؤسسات بشكل عام والمؤسسات المدنية بشكل خاص. ويعود السبب في ذلك الاهتمام بالمديرين أنه ينظر إلى نجاح المؤسسة وفشلها في كثير من الأحيان إلى قدرة هذا المدير على إدارة المؤسسة وعلى قدرته على اتخاذ القرار الصائب في المواقف المختلفة. كما أصبح اتخاذ القرار مهمة يتولاها المدير وهي عملية تستغرق أغلب وقتهم وجهدهم أثناء ساعات الدوام الرسمي وأحيانا خارجها.

ويرى المفكرون أنّ القرار الإداري ليس فقط مجرد بت في الأمور لحسم بعض المشاكل أو اختيار حل من بين مجموعة بدائل، بل إنّ اتخاذ القرار أيضا وسيلة للإبداع والتجديد وتشجيع المعرفة وطريقة للتأثير في سلوك الآخرين وتوجيههم نحو العمل ونحو الصالح العام وتحقيق الأهداف المرجوة. وكلما تبنى المديرون أي توجهات وأفكار فلسفية كلما انعكس ذلك على طبيعة عملهم الإداري بشكل عام وعلى اتخاذهم للقرار المناسب بشكل خاص، ويعرف القرار أنّه العملية التي يقوم من خلالها المدير باتخاذ البديل المناسب، من بين البدائل الممكنة لحل مشكلة أو الموقف بما يتناسب مع المبادئ والعلاقات الإنسانية المتعلقة بالاحترام والاتصال الإنساني الفعّال، أمّا الفلسفة فهي نظرة جمالية للكون واتجاه فكري نحو الحياة في مجملها والتي تعبر عن اتجاه فكري يؤثر في سلوكيات الفرد أثناء عمله ومعالجته للحوادث التي تمر به وبمقتضاها يسير الفرد في عمله ويواجه النظم الطبيعية والاجتماعية التي تحيط به وتحدد ميوله نحوها وتصرفاته اتجاهها.

واهتم علماء السلوك بمفهوم اتخاذ القرار وأكسبوه أهمية كبيرة في جميع مجالات الحياة وقد وضعوا عدة عوامل تؤثر في عملية اتخاذ القرار ومنها عوامل شخصية أو التكوين الشخصي والاجتماعي للشخص متخذ القرار، وعوامل اجتماعية والتي تعرف بالبيئة الاجتماعية التي يتخذ القرار في إطارها وأيضاً عوامل حضارية أو ثقافية تصف الأساليب والعادات والتقاليد التي تحد الأفراد والجماعات في تصرفاتهم في مجتمع معين، وأن الوقت المتاح لمتخذ القرار ومدى إلمامه بالقوانين وكيفية تعامله مع معطيات الموقف وقدرته على ربط عناصره فهو عامل مؤثر رئيسي لعلمية اتخاذ القرار الصائب، وهناك عدة مراحل تمر بها عملية اتخاذ القرار من قبل المديرين وأهم تلك المراحل هي مرحلة تحديد المشكلة تحديداً واضحاً وتحديد أبعادها؛ ومن خلالها يتم رسم حدود للمشكلة على أسس صحيحة وواضحة، والمرحلة التي تليها تختص بجمع المعلومات والبيانات عن المشكلة الواقعة، وتتطلب هذه المرحلة الدقة في جمع المعلومات وتنظيمها بطريقة منطقية وصحيحة، ومرحلة حصر البدائل المتوافرة واستبعاد البدائل غير المهمة أو التي لا تحل المشكلة بشكل فعّال والعمل على اختيار الأفضل من تلك البدائل المقترحة والتي سوف تساعد في عملية اتخاذ وإصدار القرار.

 فيستخلص أنّ القرار الإداري يتّصف بعدة خصائص تجعله مختلفا ومتميّزاً عن باقي القرارات الأخرى فهو يتّصف بالصفة الاجتماعية لأنّه يتناول مصالح مجموعة من الأشخاص داخل المؤسسة كما أنّ تنفيذه غالباً يكون بصفة جماعية، وتكون القرارات الإدارية مترابطة فيما بينها وقد يكون هذا القرار نتيجة قرار سابق، وإنّ آثار هذا القرار تنصرف دائما للمستقبل.

أهم محاور التوجهات الفلسفيّة في عملية اتخاذ القرار:

الفلسفة الإسلامية: ما استخلصه العلماء المسلمون من فكر معرفي وتربوي، شكّل المعالم الأساسيّة للفكر التربوي الإسلامي في معرفة طبيعة الإنسان وتعلمه وتربيته داخل المجتمع الإسلامي، ليبقى الفرد لبنة صالحة تعزز النظام الاجتماعي الذي يعيش داخله.

الفلسفة المثالية: هي فلسفة تهتم بتنمية العقل والقيم والإرادة من خلال الخبرات والأنشطة التي تقدمها للفرد. تؤكد هذه الفلسفة أنّ القيم والمثل والأخلاق تنتقل من النشاط إلى المجتمع استنادًا إلى مبدأ انتقال أثر التعليم أو التدريب. الفلسفة البراغماتية: تؤكد هذه الفلسفة على مبدأ التجربة باعتبارها الأساس لتحصيل المعرفة، وأنّ الفرد يجب أن يتعلم من الخبرة التي تتسع تدريجيًا. كما تؤكد هذه الفلسفة على الاهتمام بالقيم والأنشطة الاجتماعية. كما تبحث في كيفية الاستفادة العملية من تطبيق الأفكار عمليا وترجمة الفكرة الصادقة إلى عمل، كما أنّها تنظر إلى الموظف على أنّه شريك حقيقي لا يمكن التخلي عنه داخل المنظومة.

الفلسفة الواقعيّة: وهي فلسفة تشير إلى ضرورة العناية بالجسم والعقل معا وبتهيئة الظروف المادية المناسبة لعملية الممارسة بحيث لا يحدث إنهاك للعقل أو الجسم.

الفلسفة البنيوية: تقوم هذه الفلسفة على عدة مبادئ منها أنّها تحدد التعزيز لأنّه يحافظ على استمرار الرغبة في التعلم والمثابرة عليه وتوقيته، كما أنّها تؤكد على أهميّة الترابط المنطقي بين عناصره. الفلسفة النقدية: ترى هذه الفلسفة لأنّ أي فكرة أو فلسفة لا بد أن توضع تحت اختبار النقد لبيان تناقضها وأخطائها وبعدها يشيد بناءً جديداً سواء في نظرية المعرفة أو في الأخلاق أو في الجمال.

تعليق عبر الفيس بوك