المؤشرات الإيجابيّة للاقتصاد العماني

د. محمد عشماوي

** مستشار مالي

المتابع للاقتصاد العماني يدرك أنّه يسير بخطى ثابتة نحو الاستقرار، خاصة بعد أزمة انخفاض أسعار النفط، والتي عانت منها دول كثيرة، وإذا نظرنا للنفقات المقررة وفقا للموازنة الجديدة فنجد أنها بلغت 11.7 مليار ريال (30.4 مليار دولار) مقابل إيرادات تقدر بـ 8.7 مليارات ريال، أي أن العجز يبلغ ثلاثة مليارات ريال تقريبا، وتقارب موازنة 2017 ما كانت تخطط له السلطنة في عام 2016.

وقد حققت السلطنة في موازنة عام 2016 نفقات قدرها 11.9 مليار ريال وإيرادات قدرها 8.6 مليارات ريال، وعجزا قدره 3.3 مليارات ريال. لكن العجز الفعلي تجاوز التوقعات وبلغ 4.8 مليارات ريال في أول عشرة أشهر من عام 2016، بحسب البيانات الرسمية.

وتحتل ايرادات النفط الصدارة بمبلغ 4.5 مليار بنسبة 51% من الموازنة في 2017، وتغطي الإيرادات المصروفات الجارية التي تبلغ 8.5 مليار ريال بنسبة 98% من الإيرادات، وخططت السلطنة تغطية المصروفات الانمائية والرأسمالية والتي تبلغ 2.7 مليار ريال بالاقتراض الخارجي 2.1 مليار ريال والباقي اقتراض محلي.

ويُعتبر هذا تصور إيجابي في التخطيط المالي السليم حيث غطت إيرادات السلطنة النفقات الجارية بزيادة 2% مما يؤمن للمواطن مصدر دخله عملا بالحكمة التي تقضي بأن يأكل الفرد من عمل يده.

وبالنسبة للمشروعات والاستثمارات فقد غطتها القروض الأجنبية وجزء من المحلية.

ويوفر المناخ الآمن في السلطنة عامل جذب للاستثمارات الأجنبية والتي يجب أن تتوسع السلطنة من وجهة نظري في الاستفادة من هذا المناخ المتوفر بفضل السياسة الحكيمة لحضرة صاحاب الجلالة السلطان قابوس ومن مقترحاتي في هذا الشأن:

1- تطوير الاستثمار السياحي لجذب الاستثمارات في هذا القطاع، وذلك بتسهيل الإجراءات الحكومية ورعاية المستثمر وتقديم قائمة بالمشروعات السياحية المطلوب الاستثمار فيها بعد استشارة المختصين والخبراء من العمانيين والأجانب والترويج للسياحة في عمان والترويج للاستثمار في هذا القطاع وتطوير القطاع الفندقي، وقطاع المواصلات الداخلية والخارجية وقطاع الاتصالات ويستتبعه تطوير التعليم المتخصص في الضيافة والفندقة.

2- تطوير خاص لقطاع البنوك والخدمات وتقديم تسهيلات للمستثمرين واستحداث وسائل تمويل غير تقليدية وتنشيط الصيرفة الإسلامية وشركات التكافل مما يشجع على الاستثمار الداخلي وخفض النقد المتداول في السوق وبالتالي تقليل أثر التضخم.

3- تشجيع الاستفادة من أموال المقيمين وتقديم بعض التسهيلات للاستثمار في الأسهم مما ينشط سوق مسقط للأوراق المالية.

4- وتشجيع فئة المقيمين في السلطنة في الاستثمار العقاري وتخطيط ذلك بما يحقق خطة الدولة في مجال المشروعات العقارية المطلوبة. مما يؤدي إلى تنشيط الحركة في سوق الاستثمار وكذا تحسين ميزان المدفوعات لصالح السلطنة حيث سيقوم المقيمون باستثمار أموالهم داخل السلطنة عوضا عن إرسالها إلى الخارج.

5- ومن الأثر الإيجابي أيضا زيادة حصيلة الضرائب على هذه الاستثمارات مما يؤدي إلى تحسين الإيرادات في الموازنة وكذا تقليل نسبة العجز بين الإيرادات والمصروفات.

ويساهم قطاع النفط بنحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي لعمان، وتخطط السلطنة لخفض هذه المساهمة إلى 22% فقط بحلول عام 2020 من خلال استثمار 106 مليارات دولار.

ويعتبر هذا التوجه الإيجابي في التخطيط المالي حلا طويل الأجل للاعتماد على مصادر أخرى غير النفط في تحقيق إيرادات السلطنة مما يجنّب الموازنة في المستقبل الأثر السلبي لانخفاض أسعار النفط على الموازنة.

ومن المؤشرات الإيجابية التحسن في أسعار النفط فقد كان متوسط أسعار النفط المتوقعة خلال العام 2017 ستتحسن في المتوسط عن عام 2016 لتصل إلى 55 دولارًا للبرميل، لجديّة الدول المنتجة من داخل منظمة أوبك وخارجها خفض معدلات الاستخراج إلى حدود 1.8 مليون برميل يومياً. ومن الجدير بالذكر أنّ بلغت أسعار النفط تسليم مارس المقبل 53.93 للبرميل مرتفعا عن سعر البرميل تسليم فبراير الحالي بمقدار 1 دولار و21 سنتا.

كما بلغ سعر نفط عُمان تسليم شهر أبريل القادم أمس مستوى قياسيا جديدا بلغ 66ر55 دولار، وأفادت بورصة دبي للطاقة أنّ سعر نفط عُمان شهد أمس ارتفاعاً بلغ 30 سنتًا مقارنة بسعر أمس الأول الأربعاء الذي بلغ 36ر55 دولار.

من المؤشرات الإيجابية بالنسبة للعملة ارتفع مؤشر سعر الصرف الفعلي للريال العماني بنهاية شهر ديسمبر 2016 بنسبة 2 بالمائة، مسجلا 3ر107 نقطة مقارنة بـ 2ر105 نقطة في الفترة نفسها من العام 2015، الأمر الذي يشير إلى ارتفاع القوة الشرائية للريال العماني.

وقد أشارت البيانات الأولية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى انخفاض جملة النقد المصدر (المتداول) بنهاية ديسمبر 2016 بنسبة 9ر7 بالمائة ليصل إلى مليار و647 مليونا و100 ألف ريال عماني، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015 التي شهدت نقدًا مصدرًا بمليار و788 مليونا و200 ألف ريال عماني. مما يعني مؤشرًا آخر إيجابيا على للسيطرة على التضخم.

وتلاحظ أنّ الدين العام في السلطنة منخفض جدًا حيث بلغ الدين العام في السلطنة 2.295 مليار دولار حيث تقع السلطنة في اللون الأخضر الداكن الذي يعبر عن أقل أعباء وديون مقارنة بالسعودية 109.776 مليار دولار والتي تقع في اللون البرتقالي وهي أولى درجات الخطر وبالإمارات 170.762 مليار دولار.

كما أنّ نصيب المواطن العماني من الدين العام مبلغ 570 دولارا فقط مقارنة بالمواطن السعودي الذي يتحمل عبء 3543 دولارا للفرد وأفضل بمراحل شاسعة مما يتحمله الفرد في الإمارات من الدين العام 18526 دولار للفرد حسب موقع الإيكونميست الذي يقيس الديون لحظة بلحظة.

تعليق عبر الفيس بوك