روحاني في عمان

 

خلفان الطوقي

 

تسمَّر مُعظم العُمانيين والمُقيمين أيضًا أمام شاشات التلفزيون أو شاشات هواتفهم لمُشاهدة الطَّلة البهية لمولانا السُّلطان قابوس، فكل من عرف أو سمع عن سُّلطان الحكمة والرزانة يستبشر بمُشاهدته ويستبشر خيرًا بعد كل إطلالة لزعيم العقلانية والحنكة السياسية، فهذه شهادة غيرنا من الزعماء وقادة الدول قبل أن تكون شهادة أهل عُمان.

 

فبالإضافة لطلة مولانا الباسمة، زادت نفوسنا غبطة واستبشارًا بزيارة فخامة الرئيس الإيراني حسن روحاني للسلطنة يوم أمس وما تحمله من دلالات ومؤشرات جميعها مُبشرة بإذن الله، فالمؤشرات الإيجابية لن تكون لعُمان وإيران ولشعبيهما فقط، بل لدول مجلس التعاون الخليجي كافة بإذن الله.

 

اختيار الرئيس الإيراني لتكون السلطنة أول محطة له في عام ٢٠١٧م ليس من باب الصدفة، فالعلاقة التاريخية بين البلدين خير دليل على فهم أهمية الدبلوماسية في العلاقات بين البلدين، واختيار السلطنة لتكون المحطة الأولى لهي مؤشر على انفراج قريب للعلاقات الإيرانية ودول مجلس التعاون العربي وخاصة في قضيتن أساسيتن وهما قضية حرب اليمن وحرب سوريا.

 

هناك من يرى أنَّ الحلول السليمة استنفدت ولابد من استخدام القوة والسلاح فهذا خيار ووجهة نظر قد نحترمها ولكن ليس بالضرورة الاتفاق معها أو تأييدها، فعُمان ترى  أنَّ الحلول الدبلوماسية لا تُعد ولا تُحصى، فعُمان كانت ومازالت وستبقى أطروحاتها السياسية ليست انفعالية ولا تحكمها ردود الأفعال السريعة أو التَّعنت والعناد أو المراهقة السياسية التي لا تحمد عقباها، فهي ترى أنَّ السلام هو منهجها، وكما قال العاهل المفدي ذات مرة (السلام مذهب آمنا به) فأصبح منهجا حياتيا لكل عُماني وعُمانية.

 

شهادة للتاريخ لمن لا يعلمها أنَّ عمان وسلطانها شاركوا وتوسطوا في حل المُعضلات العالمية لدول تبعد عنَّا مئات الملايين من الأميال وبدون بهرجة إعلامية، فما بالكم إذا كانت هناك توترات وسوء فهم بين الإخوة والأشقاء والجيران، فليعلم الجميع بأنّ عُمان لن تقف مكتوفة الأيدي، فقوتنا تكمن في إقناع كافة أطراف الخلاف بالابتعاد عن سوء النوايا واستخدام اللغة التهديدية المُتشددة والمتشنجة وتعبئة الرأي العام ضد الآخر ونشر الطائفية والتحزبات المذهبية وتبادل التُّهم، واستبدالها باللغة الدبلوماسية ونشر قيم التسامح والاحترام بين الشعوب خاصة إذا كانت تجمعهم الجيرة والحدود والإسلام والعلاقات التاريخية والمصالح الحالية الاقتصادية المُشتركة.

 

زيارة الرئيس روحاني الحالية وقبلها معالي أنطونيو جريريس الأمين العام للأمم المتحدة الجديد، وزيارات مرتقبة قريبة بإذن الله من بعض قادة وملوك مجلس التعاون الخليجي خير دليل على أنَّ القيادات تسعى لأن تركز اهتمامها لمصلحة شعوبها وتطويرها ورخائها والابتعاد عن الحروب والاستفادة من الدورس التاريخية للعواقب المؤلمة والمزمنة للحروب، وستظل عُمان وسلطانها  وأهلها رمزًا للسلام، وفاتحة أبوابها لأشقائها وداعية للحلول الدبلوماسية وساعية لجمع الفرقاء تحت سقف واحد تجمعهم طاولة الثوابت العمانية الراسخة والقيم الإنسانية السامية كالحوار والتسامح والاحترام المُتبادل وحُسن الجيرة وعدم التدخل في شؤون الدول والتَّعاون على البر والتقوى.