صناعة الألبان.. الواقع والمأمول

 

علي بن سالم كفيتان

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى البُعد عن الاعتماد على النفط كسلعة أساسية تتحكم في مُستقبل الأمور في البلاد عن طريق ابتكار آليات وحلول للبحث عن البديل من الثروات المُتجددة، وآخرها كان برنامج "تنفيذ"، نرى أن هناك من لم يستوعب الدرس بعد وأنّه لا زال يحلق بعيدًا عن السرب من خلال اكتشافه لمغارة علي بابا (حجة تدهور أسعار النفط).

ففي كثير من الأحيان لم يتغير شيء سوى المزيد من التقشف والمزيد من "اللاآت" للترقية والتوظيف وفرض المزيد من الضرائب كما يقول الكاتب د. عبد الله باحجاج في إحدى مقالاته الأخيرة.

لا زال الكثير منّا يذكر التجربة التي أقدم عليها أحد المستثمرين الشباب قبل حوالي عشر سنوات بإقامته لمصنع صغير لاستقبال الألبان في المنطقة الصناعية مع محطات تجميع من مُختلف نيابات ولاية صلالة، كم كان ذلك باعثاً للأمل لدى المُربين حيث يتم بيع حليب الأبقار بمعدل 50 ريالا شهرياً مقابل استقبال 5 لترات يوميًا من المُربي وتجوب السيارات المبردة التجمعات السكانية بينما ينتظر الأطفال بالقرب من مساكنهم لتسليم الحليب لسيارة التجميع وبالفعل صمدت التجربة عدة أشهر واستفاد قطاع كبير من الرُّعاة المنهكين من مصاريف الأعلاف والالتزامات الأسرية حتى أشيع فيما بعد بأنَّ هذه التجربة لا تعمل وفق المواصفات الصحية وتمَّ وأد الأمل في مهده ربما الخبر صحيح وربما هناك من تضرر دخله من وجود منافس آخر غير متوقع نجاحه بهذا الشكل وربما هو تضارب مصالح فتم لجم الأمر وانتهى شأنه.

وفي إطار المحاولات التي لا تنتهي للانفكاك من الاحتكار الملثم غامر أحدهم مرة أخرى بإقامة مصنع لإنتاج الأعلاف الحيوانية في المنطقة الصناعية بصلالة حيث يستورد المواد الخام من دول مجاورة ومن الهند وحسب رأي الناس بأن هذا النوع من العلف ممتاز ومدر للحليب فتهافت عليه المربون لأن السعر في متناول الجميع ومرة أخرى أضمحل المصنع بحجة عدم الالتزام بالمواصفات حسب ما يُشاع والله أعلم ونحن نؤكد على أهمية الالتزام بالمواصفات لكن كان يفترض منكم يا معالي الوزير الوقوف لجانب التجربة وتصويب ما أعوج منها وليس بترها.

من الأمور التي لفتت انتباه الكثير من المُتابعين مؤخراً هو قيام وزارة الزراعة والثروة السمكية خلال العام المنصرم 2015 بالإعلان عن النية لإنشاء مصنع يستقبل منتجات الألبان في محافظة ظفار وحسب اعتقادي أن مجلس الوزراء الموقر بارك الخطوة في إطار الاستفادة من الثروة الحيوانية لرفد الاقتصاد الوطني وهذا يدعم توجه الحكومة الرشيدة الجديد للبحث عن سبل أخرى للدخل غير النفط، حيث سيُوفر المصنع الحليب الطبيعي الطازج من المرعى بكافة أنواعه كحليب الأبقار والأغنام والإبل مع ادخال بعض النكهات والمكملات الغذائية بالإضافة لمنتجات الحليب الأخرى من أجبان وغيرها مع ضمان الجودة وفق أعلى المواصفات.

وبعد صراع ومخاطبات كثيرة لإقامة المصنع في محطة البحوث الزراعية بصلالة تمت الموافقة على إنشاء مزارع ومصانع لإنتاج الألبان في محافظات أخرى، بينما تم تقزيم الحلم في محافظة ظفار إلى الموافقة على تشغيل تجريبي لاستقبال الألبان ومن ولاية صلالة فقط وربما حليب الأبقار فقط لماذا العودة إلى الصفر مرة أخرى ومن المستفيد من تعطيل هذا الأمر يا معالي الوزير؟ ولماذا يتم التلاعب بمشاعر وطموحات قطاع كبير من المربين الذين يكدحون للاستمرار في المُحافظة على ثروتهم الحيوانية؟

لدينا يقين بأنَّكم يا معالي وزير الزراعة والثروة السمكية ستعيدون النظر في الأمر كونكم من المشهود لهم بالحكمة والإخلاص لخدمة الوطن فأنت ممن خرج من مجلس الشورى إلى مقعد الوزارة وهذا ما يعطي الأمل لأنكم وبحق ممن يهتم لهموم الناس في هذا القطاع الحيوي الهام الذي نعول عليه الكثير في مستقبل الوطن.

استودعكم الله موعدنا يتجدد معكم بإذن الله.

حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.

alikafetan@gmail.com