هل يفوز زيدان بالحظ فقط؟!

 

حسين الغافري
ترددَّتُ كثيراً قبل أن أكتب رأيي المتواضع حول مسيرة الفرنسي زيدان التدريبية بعد عامٍ "فقط" على تكليفه بأحد المهام الّصعبة والأكثر تعقيداً في عالم المستديرة المثير، وهي مسألة تدريب العريق ريال مدريد. كثيرة هي الأسباب التي تجعل تدريب الملكي مُهمة صعبة تفوق صعوبة باقي الأندية العالمية؛ كونه فريقا لا يقّبل غير الألقاب والمتعة والإجادة والطرب الكروي في آنٍ واحد. والتكليف بالدكة الفنية للريال أو بغيره من الأندية الطموحة يحتاج إلى أجواء صحية مُحيطة أراها شخصياً تتعقد في البيت الملكي وتُعرقل وتعيق النجاح ولو الشيء القليل؛ الأمر الذي يولّد جهد مضاعف وعمل شاق لابد أن يكون في مستوى عالٍ. لماذا الجهد الفني مضاعف مع الريال؟! بسيط جداً، فريق القرن والإنجازات والألقاب القياسية المرتبطة بالقميص الأبيض يجّلب مُختلف القنوات الإعلامية العالمية المختلفة التي تحيط بأجواء البيت المدريدي، وترّصد التفاصيل الدقيقة، وتثير المواضيع بأساليب دعائية مختلفة، وتضع المجهر والعدسة المُكبّرة في كل الأحداث. الفرنسي ذو الأصول الجزائرية يُدّرك صعوبة الأمر مع ذلك استلم المهمة. صحيح إن تكليف زيدان يُعدّ مغامرة؛ كونه لأول مرة يقود فريق ولكن الرصيد الفكري الذي بحوزة زيدان وخبرته في الملاعب واسعة وكبيرة، وهو الذي أطرب مُحبي الكُرة وكان "مُهنّدس" الجيل التاريخي للديوك الفرنسية الذي حقق كأس العالم 98 وأمم أوروبا عام 2000 ووصيف العالم 2006 وكان قريباً من التتويج ولكن الظروف حالت دون اللقب بعد خسارتهم التي أثارت الأقلام وُعرٍفت بنهائي "نطحة زيدان".
***
في فترة زمنية وقياسية حوّل زيدان حالة الإحباط والتخبط التي عششّت على أجواء البيت الملكي وبموسم متوقع أن يكون "صفري" الألقاب والتي ملامحه كانت تلوح في الأفق بعد استلام الإسباني رفائيل بنتيز الدكة الفنية للفريق. زيدان قبِلْ المُهمة الصعبة، وأعاد الوضعية الملائمة للفريق الملكي ليتّحد الفريق وينهض بشكل أقوى خطف من خلالها اللقب الأغلى لدوري الأبطال الأوروبي وعلى بُعدْ خطوة من لقب الليغا الذي أنهاه الملكي ثانياً لولا الفارق الكبير مع برشلونة بفترة بنتيز!. هل حدث ذلك فعلاً بالحظ؟! إطلاق ليس كذلك!
***
علّق الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون عن الحظ عندما وصفه: "أن عجلة الحظ لا يدّفعها إلا العمل"، وكتب توماس جفرسون ثالث رؤوساء الولايات المُتحدة في بدايات القرن التاسع عشر: أنا من أشد المؤمنين بالحظ، وقد لاحظت أن حظي يزداد كلما زاد عملي". ومن يقرأ عن الحظ والروابط التي تقود إليه يبّرز العمل والسعي والجدّ قبله. زيدان لم يكن اعتماده على الحظ فقط خلال عامه الوحيد مع الريال وخسارته في مناسبتين فقط، وليس الحظ من قاده لرقم كبير وصل إلى 33 مباراة متتالية في جميع لقاءات الفريق بدون خسارة ولا يزال الرقم متاحاً للذهاب بعيداً ولكنه مُحضّر نفسي ممتاز للفريق ومتحدث ذكي في المؤتمرات الصحفية يبتعد دائماً عن المشادات. زيدان مشروع مدرب كبير ويسير بخطوات ذكية مع الريال جعلت الفريق كتلة واحدة ويلعب بكل الأسماء ومع ذلك يبّهر بأدائه. مع زيدان لم نفتقد لاعباً بعينه ولم نضع لاعباً تحت مسمى "احتياط". الكل له دوره وقدراته التي وضّفها حسب مصلحة المجموعة. زيدان يتجه في الاتجاه الصحيح ودعمه ومساندته وإعلاء كلمته تجعله يستمر طويلاً مدرباً في البيت الملكي فهو يستحق فعلاً!
HussainGhafri@gmail.com