المطلوب منك أن تكتب ..!

 

سيف بن سالم المعمري

حينما كُنت في الرابعة عشرة من العمر وضعني مُعلم اللغة العربية في تحدٍ لإثبات الذات من خلال تكليفي بإعداد وتحرير مجلة حائطية لجماعة الصحافة المدرسية والتي انضويت إليها -ولأوَّل مرة - بدعوة منه؛ لتفرسه في إمكانياتي في الكتابة وحاجة الجماعة لتلك المهارات، ثم كان التكليف مرناً بحيث أتاح لي الاستعانة بأحد الطلاب كان من المُجيدين في الجماعة والذين انتقلوا إلى مدرسة أخرى في الصف الأول الثانوي حيث لم يكن يوجد في مدرستنا في تلك الفترة سوى مرحلتي الإبتدائية والإعدادية.

وجاء ردُّ الطالب الذي رشحه لي معلم اللغة العربية بالقول: "وقتي لا يسمح لذلك، ولديَّ تكاليف وواجبات مدرسية تحول دون مساعدتك". فلم أكن أتوقع رده؛ ليضعني أمام تحدٍ حقيقي وليمكني من تجاوزه وأثبات ذاتي ومهاراتي أمام معلمي الذي وضع ثقته في إمكانياتي واختارني من بين زملائي، والذي أثنى على صنيعي بعد أن رأى ما أثلج صدره في المجلة التي حررتها، وكنت عند حسن ظنه بي.

لم أكن أتوقع أن يسوقني ذلك التَّحدي إلى تحديات أكبر في تالي الأيام والتي بدأت تزداد معه ثقتي بنفسي والانضواء في المجالين الصحفي والإذاعي داخل المدرسة وبعد ذلك أثناء دراستي في الكلية، ليتواصل هذا الشغف بالعمل الصحفي بعد الدخول إلى سوق العمل والذي لم يكن في مهنة الصحافة بل كمُعلم، لتكون المدرسة بالنسبة لي منصة للانطلاق إلى فضاء الصحافة الورقية، لأصبح مراسلاً لجريدة الزمن خلال الفترة من ديسمبر 2009 إلى فبراير 2011م، قبل أن أصبح مراسلاً لجريدة الرؤية بدءًا من يوليو 2012م وحتى الآن.

وفي نوفمبر 2014م عقدت العزم على أن أخطو خطوة جديدة في عالم الصحافة من خلال كتابة المقال الصحفي بجريدة الرؤية، وعرضت رغبتي في كتابة مقال أسبوعي بالجريدة على المكرم الشيخ حاتم بن حمد الطائي المدير العام ورئيس تحرير جريدة الرؤية مستفهماً حول ما هو المطلوب مني لذلك، فكان رده البليغ: المطلوب منك أن تكتب.. ! ومثل لي رده البليغ نقطة انطلاقة حقيقية متسلحاً بثقة الطائي وانحيازه للشباب واحتواء طاقاتهم وتمكينهم لخدمة مجتمعهم.

وانطلقت لكتابة المقال الصحفي وكان أوَّل مقال نشر لي بجريدة الرؤية في الخامس من يناير عام 2015م، ومن حسن الطالع أن يكون آخر مقال نشر لي في عام 2016م يحمل المقال رقم(100) بعد عامين متتاليين، وليحمل المقال الحالي الرقم(101) لأقف من خلاله في لحظات صادقة لتقديم كلمات الثناء والتقدير والامتنان لأصحاب الهمم العالية والقلوب الصافية والمعاني النبيلة، لأولئك الخيرين الذي كان لهم بعد فضل الله الفضل فيما وصلت إليه، ولك أخي القارئ الكريم الذي أهديتني لحظاتك القيمة في قراءة ما نشر من تلك المقالات، ولجميع من كان لي معلماً وموجهاً ومرشدًا.

وأقول كلمة "شكرًا" ببنيتها الصغيرة ومعانيها الكبرى، وإن كانت لا تفي المتفضل بعد الله المكرم الشيخ حاتم بن حمد الطائي حقه من الثناء والامتنان،  وكما كان العرب يفتخرون بالكرم الحاتمي والذي اشتهر به الشاعر الجاهلي حاتم بن عبد الله الطائي وكان ظاهرة نوعية في التاريخ العربي، حق للعُمانيين في التاريخ المعاصر أن يتماثلون بالكرم الحاتمي العُماني، والذي تعدى بسخائه وجوده وكرمه ومبادراته طائيَّ الجاهلية.

فمبادرات جريدة الرؤية منذ انطلاقتها في ديسمبر 2009 ماثلة للعيان، وموجهة لتمكين الشباب العُماني واستثمار طاقاتهم لخدمة وطنهم وأمتهم، ولم يتأت ذلك لولا قيادتها المستنيرة وفكرها الوقاد وقناعتها بالقيمة النوعية للشباب والمتمثلة في شخص المكرم حاتم بن حمد الطائي، فشكرًا لتلك الضمائر النقية التي تنبض بحب عُمان وشبابها، ثم شكرًا لعُمان التي تستحق منّا الإخلاص على الدوام.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

Saif5900@gmail.com