تطبيقات عملية على الإبداع في الغرفة الصفية

 

سمية الذهلية

مما لا ريب فيه أنّ الطرق الإبداعية للتدريس تساعد الطالب على اكتساب المعلومة بصورة أسهل، كما إنها تضيف طابعاً من المتعة والتسلية وتكسر الروتين داخل الغرفة الصفية، ومن جانب آخر لها فوائد كثيرة في إطار إكساب الطالب مهارات إبداعية أخرى كتلك المتعلقة بالفن والابتكار والتصميم.

 وفي الوقت الراهن تتوجه العديد من الدراسات التربوية لدراسة تنمية الإبداع والابتكار داخل غرفة الصف من جوانب مختلفة، سواء الأوضاع التعليمية التي تشجع عليه، أو الممارسات والتطبيقات المحفزة له.  قد يتساءل البعض: لماذا هذا الاهتمام بالإبداع؟ وللإجابة على هذا التساؤل سنتناول أولاً تعريف الإبداع، فهو ببساطة: القدرة على تخيل أو ابتكار شيء جديد، ولا يقصد القدرة على الخلق من لا شيء ولكن القدرة على توليد أفكار جديدة من خلال الجمع بين أو تغيير أو إعادة تطبيق الأفكار القائمة. من هنا يتضح لنا أنّ الإبداع يمكن أن يستخدم لتحسين المنتجات والخدمات بشكل أفضل، مما يحقق ربحاً أكثر؛ فالتفكير الإبداعي يدرب الطلاب على عدة أمور منها:

1- ابتكار طرق جديدة لتنفيذ المهام

 2- حل المشكلات

 3- مواجهة التحديات، فهم يفكرون "خارج الصندوق"، وهذا يساعد الإدارات والمنظمات للتحرك في اتجاهات أكثر إنتاجية.

 كما إنّه لا يمكن عزل الإبداع فهو يتأثر بالفروق الفردية والظروف البيئية؛ لذلك لابد من التدخل لمساعدة المتعلم؛ للكشف عن قدراته الإبداعية وتنميتها في مراحل نموه المختلفة.

   وفي هذ الإطار لن نركز على الجانب النظري للإبداع، وإنما على بعض التطبيقات والممارسات الصفية التي تسهم في تنميته، بالاستعانة بالخبرات العملية السابقة، حيث إن المعلمين بحاجة إلى توعية في الجانب التطبيقي، وزيادة اهتمامهم  بتنمية التفكير الإبداعي لدى طلبتهم. وهي على قسمين لتنمية الإبداع داخل غرفة الصف:

أولاً: التصميم وصناعة النماذج

  من واقع تجربتي في الحقل التدريسي وجدتها من الطرق الممتعة التي يتفاعل معها المتعلمون بشكل كبير؛ فمن أجل صناعة النموذج يقوم المتعلم بممارسة التصميم، وبذلك ندمج الهندسة مع العلوم، وهذا يحاذي معايير الجيل القادم للعلوم، وكما ورد في كتاب "إطار تعليم العلوم لـ K-12: الممارسات، والمفاهيم الشاملة، والأفكار التخصصية"  فإن الهندسة تشبه العلوم في احتوائها على العمليات الإبداعية، والتي لا تقتصر على طريقة واحدة، فهناك اتفاق واسع بين الاستكشاف في العلوم والتصميم في الهندسة؛ فالتصميم الهندسي يتضمن تحفيزا عقليا وجسديا للمتعلم وكذلك ينمي مهاراته العملية وخصوصاً في حل المشكلات.

  وأوَّل تطبيق في هذا المجال وهو تصميم نموذج لتفسير عملية انطلاق الصاروخ، يهدف هذا التصميم إلى شرح أن تحرر أو انطلاق الطاقة من نظام التفاعلات الكيميائية يعتمد على التغيرات في إجمالي طاقة الروابط. وهو مثالي لإشعال فتيل الابتكار لدى الطلبة الذين يترتب عليهم توضيح خطوات انطلاق الصاروخ، والتصميم في هذا النموذج يكون فقط بالرسم على الورق. يناسب هذا النموذج دروس القوى والتفاعلات الكيميائية، حيث يتم تقديم شرح أولي للطلاب عن طريق عرض فيديو يشرح عملية انطلاق الصاروخ، ثم بعد مناقشة الطلاب فيه، يتم تقسيمهم إلى مجموعات لتصميم نموذج أولي يُفسر فهمهم لهذه العملية، بعد ذلك يقوم الطلاب بمجموعة من الاستقصاءات الموجودة في كتاب الطالب، والتي تقود إلى فهم أعمق للتفاعلات التي تؤدي إلى انطلاق الصاروخ، في ختام النشاط يقيّم الطلاب النموذج ويعدلوا ما يحتاج إلى تعديل فيه.

 وتطبيق آخر رائع لصناعة النماذج القائمة على التصميم الهندسي استخدام التصميم بمكعبات الليجو -باتباع دورة التصميم- لتصميم نماذج مختلفة، حيث يُعطى المتعلمون مشكلة معينة، ويطلب منهم تصميم نموذج لحلها، مع تحديد معيار للتقييم.

هذا التطبيق يناسب دروس البكرات والروافع والتراكيب في الفيزياء، ويعتبر تطبيقا ممتازا لتنمية الإبداع لدى الطلاب فهو يمثل تحدياً لهم، وبه متعة وتسلية.

ثانياً: إنشاء ورسم الملصقات

استخدام الرسم للتعبير عن المعلومة في حصة العلوم يجعل الحصة ممتعة ومسلية، كما إنّه ينمي الإبداع البصري لدى المتعلمين، ويحتضن مواهب الطلاب في  الرسم والتشكيل، وكذلك هو مثالي لأصحاب نمط التعلم البصري. فالتمثيل البصري للمعلومة يربط بين فصي الدماغ الأيمن والأيسر مما يسهل استدعاء المعلومة لاحقًا.

التطبيق الأوَّل: تصميم ملصق لعناصر الجدول الدوري للعناصر، بحيث يقوم الطلاب أولاً بالبحث عن خصائص عنصر مُحدد، ثم التعبير عن تلك الخصائص برسومات مناسبة وبعدها يتم تجميع جميع الملصقات التي صممها الطلاب في لوحة واحدة تمثل جدولا دوريا مصورا للعناصر.

التطبيق الثاني: تصميم ملصق توعوي لنوع من أنواع التغليف، حيث يختار الطالب نوعا محددا من المواد التي تستخدم في تغليف الطعام، ثم يصمم ملصقا توعويا يوضح فيه إيجابياته وسلبياته والطرق الصحيحة للتخلص منه، وهذا يناسب مواضيع المواد القابلة لإعادة التدوير.

ويمكن تنظيم معرض في المدرسة يتم فيه عرض أعمال الطلاب في العلوم، سواء: النماذج أو الملصقات أو اللوحات التي شكلوها، أو الرسومات، ويتم استدعاء أولياء الأمور لمشاهدة أعمال أبنائهم. كما لاحظنا جميع التطبيقات الواردة في هذا المقال بسيطة، وغير مكلفة، ويمكن تطبيقها داخل غرفة الصف، وتساهم بشكل كبير في تنمية الإبداع لدى الطلاب.

تعليق عبر الفيس بوك