خلفان الطوقي
تأثرت كثيرًا بمقطع الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع في وسائل التَّواصل الاجتماعي لحفل توديع اﻷستاذ مصعب المحروقي الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للمصافي والصناعات البترولية (أوربك) واللفتة الإنسانية المؤثرة والراقية التي قام بها موظفو الشركة لهي خير دليل على القيادة الإدارية المميزة لهذه الشخصية مهما اتفق أو اختلف معه البعض أثناء إدارته.
ما زالت بعض المجالس اﻹدارية في بعض الشركات الحكومية أو بقية مؤسسات القطاع الخاص لم تقتنع بالشخصية العُمانية والسبب إما لغاية في نفس يعقوب (أسباب شخصية) أو أنّهم لم يمنحوا أنفسهم الفرصة الكافية لتجربة الكفاءات العمانية، إما لقلة الثقة فيهم أو تخوفاً من فشلهم أو اعتقاداً منهم بقلة خبراتهم المتنوعة المحلية أو الدولية.
كل هذه اﻷعذار لم تعُد مقبولة في الوقت الحاضر وذلك بسبب أنَّ الكفاءة العمانية أثبتت ذاتها ليس في عًمان فحسب، بكل في الكثير من الدول الخليجية وعلى المستوى العالمي، والبعض منِّا ستجد لديه عدد من أقربائه أو معارفه من يعمل خارج السلطنة ولديه مشروعه الخاص أو وظيفة كبرى وتحت إمرته مئات الموظفين ومن كافة الجنسيات، ويلحظ المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي أنها مليئة بأخبار الكفاءات العُمانية من ذكور وإناث، وهذان المثالان التوضيحيان خير دليل على وجود جينات التَّميز في الشباب العُماني إذا ما أتيحت له المساحة الكافية للتميز واﻹبداع ووضعت فيه الثقة.
الوضع الحالي في الوظائف القيادية في القطاع الخاص لصالح العُماني مازالت دون مستوى الطموح، فربما قبل عشرات السنين كان هذا مبرراً، ولكن وقد أكلمنا 46 عاماً على النهضة الحديثة لمولانا السلطان قابوس، فإني ومن خلال هذه المقالة أدعو مجالس اﻹدارات المختلفة وأصحاب الشركات إلى النظر من حولهم إلى النجاحات التي حققها مصعب وزملاؤه العمانيون في قطاع النفط والطيران والاتصالات والاستثمار وأسواق المال والتكنولوجيا والصناعات والتطوير العقاري وغيرها الكثير، ولنعتبر قليلا أيضًا من قصص اﻹخفاق التي تكبدها بعض الوافدين الذين منحوا الثقة العمياء (الخيط والمخيط) كما يُقال في المثل الشعبي من خسائر وصلت لحد الفضائح في بعض الحالات.
ما أطالب به ليس منح الوظائف القيادية للعُماني مجاملة أو تسرعًا أو بسبب ضغوط حكومية أو مجتمعية، بل أن يمنح العماني الفرصة لأن يخضع للاختبارات التقييمية مع بقية المتنافسين، فلكي نطاع في طلباتنا لابد أن نُطالب بالمستطاع وأن نكون موضوعيين لا عاطفيين، وننظر للأمر من العين الشاملة ومن جميع زواياه والتي تشمل زاوية التاجر أو صاحب المؤسسة، ولكي نسهل الأمر للشركات الكبرى أو المتوسطة في هذا المطلب، فبالإضافة إلى الاختبارات التقييمية، يمكن أن يحدد له أهداف قابلة للقياس ونسب معينة للمبيعات والحصول على نسبة سوقية في وقت مُحدد متفق عليها باتفاقية قانونية موثقة وبعلم من وزارة القوى العاملة، وإن لم يحقق المُتفق عليه فيمكن الاستغناء عنه وبرضا الطرفين، مثل هذه التحديات سوف تخلق هوية حقيقية للشخصية العمانية وليس ديكوراً يستخدم كأداة لبعض المواقف الوقتية ليكون مبعوثًا للجهات الحكومية أو الإعلام.
بقي أن نتذكر أنَّ الوظائف الإدارية العليا ليست محصورة على منصب الرئيس التنفيذي فقط، بل تشمل نواب الرئيس ومديري العموم ومديري ورؤساء الأقسام، فمثلما نجح العماني كرئيس تنفيذي، يمكنه أن ينجح في بقية الوظائف العليا، وبشكل تدريجي يمكن أن ترتفع نسب التعمين، بشكل مرحلي مدروس على أن يكون ارتفاعاً حقيقيًا.