طالب المقبالي
غريب أمر بعض الناس، عندما يطرح أحد موضوعاً ما من أجل لفت الانتباه إلى خطأ ما في تنفيذ مشروع ما قبل اكتماله، يأتيك أناس لا ناقة لهم ولا جمل في الموضوع، ولا يعنيهم الأمر لا من قريب ولا من بعيد، وبعضهم من ولايات أخرى وبالتالي الضرر لا يصيب إلا أصحاب الشأن في هذه الولاية أو تلك.
قبل أيام، طرحتُ ملاحظة في منشور عبر الفيسبوك عن موضوع السياج الحديدي الذي أقيم على الطريق المزدوج الذي يتم تنفيذه حالياً بمنطقة العراقي بالرستاق.. فالحارة الفاصلة بين المساريْن زُيِّنت بطابوق الأنترلوك الجميل من دوار الصناعية إلى حديقة الرستاق العامة، وبالقرب من دوار العراقي الذي سيتحول قريباً إلى تقاطع جميل بإشارات ضوئية جميلة كشوارع العاصمة مسقط...وغيرها من المدن ذات التخطيط الحضاري الجميل، هنا تأتي الشركة المنفذة للمشروع بعمل سياج حديدي يفصل الشارعين، وكان المفترض أن تكمل تلك الجزئية بالأنترلوك لما فيه من جمالية كونه يقع في قلب مركز المدينة.
وهنا أود أن ألفت نظر أصحاب الردود التي لم ترتقِ لمستوى الحوار العقلاني بأننا في ولاية الرستاق خضنا تجارب محبطة في التخطيط السيئ لمرافق ومعالم الولاية. ولعل سوق الرستاق التاريخي -الذي كان من الأسواق التاريخية الضاربة في القدم، وكان بوابة التجارة بين ولايات الظاهرة والداخلية والباطنة، وكان السوق معلمًا من معالم الولاية التاريخية، وكان يطلق عليه اسم سوق أبو ثمانية لأبوابه الثمانية التي لم تقام اعتباطاً وإنما ترمز إلى اعتبارات تخطيطية وسياسية واقتصادية في تلك الفترة، وكان السوق ملتقى المثقفين أيضا الذين كانوا يعقدون الجلسات الحوارية في شتى المجالات، واليوم أصبح أشبه بكبرة بها مجموعة من الدكاكين بعدما قضت عليه عشوائية التخطيط وضحالة الفكر وقصر النظر في رؤية هذا المعلم التاريخي الجميل.
كما أنَّ لنا تجارب مريرة في تخطيط الشوارع والطرقات، فقبل سنوات تمت ازدواجية الطريق من دوار العراقي إلى دوار الحزم بإضافة حارتين دون المساس بالشارع القديم المتهالك، والذي أنشئ عام 1974 أي منذ قرابة 42 عاماً.
وقد أصبحت الشوارع الترابية أفضل منه بسبب الحفر الكثيرة التي تظهر يومياً والتي تتسبب في أعطال سيارات المواطنين من أبناء الولاية ومن الزائرين، في حين أن المعروف في حال ازدواجية شارع ما تتم إزالة الشارع القديم إن كان عمره الافتراضي قد انتهي كازدواجية شارع الملدة-الحزم الذي يعتبر مفخرة حيث أنشئ بمواصفات عالمية.
ليس هذا فحسب بل إن الشارع يفتقر إلى شوارع الخدمات؛ مما يضطر السكان إلى قطع عشرات الكيلومترات للعبور إلى مناطقهم وبلدانهم التي عزلتها الازدواجية التي نفذت بدون دراسة متعمقة وبدون تخطيط، زد على ذلك أن جميع الطرق المزدوجة يوجد بها سياجان فاصلان عند كل شارع إلا هذا الطريق، حيت تم الاكتفاء بسياج فاصل واحد، كما أن الطريق بدون أكتاف مما يسبب الحوادث عند تعطل المركبات وركنها على جانبي الطريق، وقد طالب الأهالي في كثير من المناسبات بإعادة تأهيل هذا الشارع المتهالك المليء بالحفر والتشققات، وكانت هناك وعود بإدراجه ضمن الخطة، إلا أن الأزمة المالية قد بددت الآمال في تنفيذ هذه المطالب.
ولنعرج قليلا إلى قرية جماء التي ما زالت تصرخ من تهالك طريقها الذي نفذ بالمعالجة السطحية التي كانت أحد الحلول قبل ثلاثة عقود من الزمان، وما زالت مطالبات الأهالي مستمرة بإعادة رصف هذا الطريق وفق المواصفات الحديثة.
أمَّا طريق القلعة-الحلة وطريق شرجة المعنتية، فإنهما قصة من قصص ألف ليلة وليلة، هذا الطريق نفذ بمادة أسمنتية سرعان من تصدعت وتهالكت، وهناك طرق وسط مجاري الأودية نفذت بمواصفات عالمية ولم تؤثر عليها مياه الأودية. ولا أريد أن أُكثر الحديث أكثر مما قيل في رصف المخططات السكنية الحديثة التي لم تجد حتى تمهيداً لطرقاتها، كحي الأمجاد كمثالٍ حيٍّ على تجاهل مطالب ومناشدات المواطنين الذين تضرروا من تصاعد الغبار والأتربة وندرة الخدمات عدا الكهرباء.
ولا أريد أن أقلِّب المواجع في الذي حدث لطريق الرستاق الرئيسي في قلب المدينة، والذي تضرر جراء الحفريات المتكررة التي شهدها من أجل مشروع الصرف الصحي، ولم يعد كما كان عليه قبل الحفر، كما تم قص الطريق من أجل شبكة المياه وأصبحت حاله أسوأ والمار عليه يشعر بالأسى مما آل إليه هذا الطريق.
وهذا الطريق بانتظار حفريات جديدة للمرة الثالثة لمرور كيبل الألياف البصرية، ثم الحفر مستقبلا من أجل مرور أنبوب خط الغاز العام مستقبلا إن تم تنفيذ مشروع كهذا.
هذه هي حال التخطيط في بلادنا، أتمنى أن تُراعى هذه الأمور مستقبلا بعمل سراديب تحت الأرض تستوعب مرور هذه الخدمات قبل القيام بتنفيذ الطرق من أجل تفادي حدوث مثل هذه الأخطاء، فالمكسورة كما يقول المثل المحلي تجبر عوجاء!
muqbali@hotmail.com