سباقات الهجن تثري السياحة

 

 

علي بن بدر البوسعيدي

احتلَّتْ الإبل في نفوس العرب مكانةً خاصة؛ فإلى وقت قريب كانت عزة القبيلة وقوتها رهينة بعدد ما تملكه من الإبل، وكانت جزءا فاعلا في النظام الاجتماعي العربي؛ حيث كانت تُدفَع كمهور في الأفراح وديَّات في الأتراح، والجميع يعرف قصة عبلة حين اشترط والدها على حبيبها عنترة مائة من النوق العصافير التي كانت توجد عند النعمان بن المنذر.

الإبل رفيقة الأعرابي منذ أزمان بعيدة؛ فهي الشريان الموصِل بين أصقاع الجزيرة العربية وشمال إفريقيا؛ فهي سفينة الصحراء، ووسيلة المواصلات، ومصدر الرزق وموضع الشعر والحكايات.

الآن في العصر الحديث، ومع تطور البشرية والآلة، قل دور الإبل اجتماعيًّا، ولكن لا يزال العرب يحنُّون لها ويفاخرون بها في سباق الهجن أو الهجانة، فهي فوق أنها رياضة هي عادة وتراث عريق مارسه العرب في الجاهلية والإسلام، لاسيما الجزيرة العربية، وتحرص دول الخليج -بصفة خاصة- على إقامة هذا النوع من الرياضات، وتنظيم المهرجانات والاحتفالات الشعبية خلال فترات إقامته؛ لذا يصفها الكثيرون بأنّها الرياضة القديمة الحديثة.

وتحظى سباقات الهجن في عُمان بشغف خاص باعتبارها أحد أهم الموروثات الحضارية والثقافية، وقد تطور الاهتمام الرسمي والشعبي بها حتى أصبحت موردًا اقتصاديا مهمًّا لكثير من مُربِّي الإبل.

وتُمارس سباقات الهجن بمختلف أنواعها في خلال الأعياد الدينية والوطنية والمناسبات الشعبية، وتكون مصحوبة باستعراضات من الفنون الشعبية كفن "الطارق والهمبل والتغرود"...وغيرها من الموروثات البدوية المحلية.

حَصَد أبناء الوطن في البطولة الخليجية الخامسة للهجن 3 كؤوس ذهبية و12 ميدالية ملونة، وقد تحقق ذلك النجاح بفضل الدعم السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- لهذه الرياضة، وتشجيع جلالته الدائم للتمسك بها والحفاظ عليها، وتسخير كافة الإمكانيات اللازمة لها للوصول إلى تحقيق الإنجازات وتمثيل السلطنة بالمحافل الخليجية والبطولات الخاصة بالهجن خير تمثيل.

أتمنى أن يكون هنالك تكامل وتعاون ما بين وزارة التراث والثقافة، ووزارة السياحة ووزارة الشؤون الرياضية لتطوير هذه الرياضة والترويج لها سياحيا، داخليا وخارجيا؛ فهناك كثير من -السياح لاسيما الأوروبيين- يستمتعون بسباقات الهجن ويشدون الرحال إليها، وأنا على يقين من أنَّ هذه الرياضة لو تم الاهتمام بها جيدا ستكون رافدا حقيقيا من روافد السياحة في السلطنة، وتستحق وصف "سباقات الهجن تُثري السياحة في عُمان".