ولاءٌ وعِرفان

 

 

حاتم الطائي

تَتدثَّر عُمان اليوم أثوابَ الفرحِ والعِزَّة والفَخَار؛ احتفاءً بذكرى عيدها الوطني السادس والأربعين المجيد، في كرنفالٍ احتفاليٍّ تكسُوْه مَهَابَة الرِّعاية السامية من لدن المقام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- رُبَّان السَّفينة، وقائد المسيرة، الذي أرْسَى دعائمَ المجدِ والنَّماء، ووَضَع دستورًا شموليًّا لمسيرةٍ عُمانيةٍ عُنوانها العطاء؛ إحقاقاً لوَعْدٍ قَطَعَه جلالته على نفسه قبل ما يُقارب نصف القرن من الزمان بالعمل "بأسرع ما يُمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سعَدَاءِ لمستقبل أفضل"؛ ليَحْمِلَ الثامنُ عشر من نوفمبر هذا العام رسالةً لأبناء هذا الوطن الأوفياء، تختصرُ مَعَاني تلك المناسبة وآفاقِها، وتستعيدُ تاريخاً عريقاً، وتستحضرُ ذاكرةً مَلِيْئَة بالإنجازِ والنَّماء، وقوَّة شَعْبٍ آمَن بمُفردات مسؤوليَّته الوطنية في بِنَاء دولة العِزَّة، بتطلعاتهم نحو المستقبل وأبعاده وآفاقه ومُقتضياته، ولوحاته التي ترتسمُ في الخيال، وتتكئ إلى نَبْض الذكريات وذخائر التاريخ، وتحت القيادة الحكيمة لمولانا قابوس -أيَّده الله.

فعَلَى مَدَى 46 عامًا من عُمر نهضتنا المباركة، يتحقَّق الحُلم العماني يومًا بعد يوم؛ لتكتسي هذه الأرض الطيبة بالإنجازات، ونماءٍ يعمُّ كافة القطاعات: اقتصادية، وسياحية، وزراعية، وتجارية، وعلاقات خارجية تتوطَّد على المستويَيْن العربي والدولي، وتقدير عالمي للتجربة العُمانية التي يُؤشر تطوُّرها على مُستقبل أفضل.. بما يُؤكد أنَّ بلادَنا على المسار الصحيح للتنمية في شِقِّها المتعلِّق بإرساء أركان دولة القانون والمؤسسات؛ باعتبار ذلك أساس الفعل التنموي الواعي القائم على فهم مُتطلبات المجتمع، والملبِّي لاحتياجات كل مرحلة وفق أسس منهجية، وبناءً على تخطيطٍ سليمٍ، يكفُل تعزيزَ نهضتنا، ويعمِّق ما تعيشه بلادنا من حِرَاك تنموي واعد.

فالمتأمِّل في الخطوات البنَّاءة التي تتوافر عليها الرُّؤية الثاقبة والتوجيهات السامية على مدى سنيِّ هذا العهد الزاهر، يُمكنه تلمُّس جذورها العميقة، التي تستمدُّ أبعادها وحيويتها من مفهوم "التنمية المستدامة"، القائم على التوازن والعقلانية والواقعية، وتحقيق المُمكن، وضمان الاستجابة للحاجيات المجتمعية؛ بما يُعزز جهود تجاوز المعوقات، والتوجه نحو مستقبل يحافظ على الثوابت الوطنية وخصوصيتها، بعزيمة صادقة، ومنهجيةِ مُلائمةِ.

إنّ جُملةً من الإنجازات تحقَّقت على أرض مَجَان الأبية تستعصي على العدِّ والإحصاء، وما يعنيني بشكل أساسي هو الاهتمام السامي ببناء الإنسان الإيجابي والمستنير والمحصَّن من الصَّدمات والمؤامرات، إنسان هانئ تشرَّب من مناهل العلم، واكتسب المهارات والعلوم المفيدة كلٌّ فى مجاله وتخصصه؛ مما يفرض على كلِّ مُواطن ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة من كِمْزَار وحتى جبال ضلكوت، واجبَ العمل على تعزيز التنمية وصَوْنِها كمَكْسَبٍ وطنيٍّ.

وإذ تُحيِي عُمان اليوم ذكرى عيدها الوطني المجيد، فإنه لمن مَبْعَث الفخر أن نُجدِّد العهدَ والولاءَ لقائد المسيرة المباركة؛ لتمضي سفينة الوطن نحو بر الأمان، في عالم تزداد أمواجه وعواصفه العاتية.. حَفِظ الله عُمان وقيادتها الحكيمة، وكلَّ عام والمجد عنوانًا للوطن.