فاتورة الانتخابات

 

وليد الخفيف

أعتقد أنَّ التربيطات والتكتلات الجارية على قدم وساق هي وحدها المُسيطر على مشهد ما قبل انتخابات الاتحادات الرياضية المُزمع إقامتها في الأيام القليلة القادمة، فالحراك الاستثنائي متواصل والعلاقات الفاترة بين البعض حان وقت استعادة حرراتها، والوعود الانتخابية أضحى رنينها يملأ أركان الأندية، ولا عزاء لخُطط وبرامج زمنية تُرهق المرشح في إقناع منتخبيه بجدوى اختياره، فما عليه إلا أن يركز في طرق تعزيز تكتله وإعادة العلاقات مع من قطعهم، حتى يصل للكرسي ذي البهاء والصولجان وعليه بعد ذلك الاستعداد لدفع فاتورة تلك المساندة.

 لم يكن ما ذكرته إلا واقعاً وتحليلاً لنتائج معظم الاتحادات الرياضية في الاستحاقات الخارجية التي توجت في الأخير بمشاركة باهتة في العرس الأولمبي عادت منه البعثة بلا ناقة ولا جمل دون أن يحرك أحدٌ ساكناً لسؤال المعنيين عن الأسباب.

ولقد كانت السلطنة سباقة في تطبيق التحول من نظام تعيين مجالس إدارات للاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية العمانية إلى الاعتماد على الانتخابات التي تختار بموجبها الجمعية العمومية من يمثلها ويقود دفة شؤون لعبتهم، فالجهة الإدارية (الوزارة) إبان صدور هذا القرار تأملت خيرًا في أن هذا التحول سيصب في مصلحة الرياضة العُمانية لا سيما وأن معظم دول العالم المتقدمة رياضياً تنتهجه، وسعى مسؤولوها جاهدين لوضع كل الوسائل والسبل لإخراج عملية انتخابية ديمقراطية متكاملة الأركان بشفافية تامة من ناحية الإجراءات، غير أنّ ما حدث كان مبدداً للجانب الأكبر من تلك الجهود، ولم يؤتِ هذا التَّحول أكله حتى بعد ثمان سنوات والأرقام تعد دليلاً إذا ما أردنا الوقوف على الحقيقة المجردة، فالديمقراطية قد لا تأتي بالأفضل في بعض الأحيان، واعتماد بعض الجمعيات العمومية على اختيار أهل الثقة دون أهل الكفاءة كان سبباً مباشرًا في تراجع مردود الرياضية العُمانية وتنصيب من لا يستحق واستبعاد من يستحق، تزامناً مع مراقبة غير فاعلة من قبلها لقرارات مجالس الإدارات رغم أنها الجهة الوحيدة المناطة بهذا الحق وفق ما ينص عليه النظام الأساسي، والأمثلة كثيرة والمواقف عديدة إذا أراد البعض أن يذكرها.

الوضع الراهن دفع الكثيرين للمقارنة بين المجالس المعينة والمنتخبة ولم تشمل نقاط المقارنة إلا بند وحيد وهي النتائج، فرغم تواضع الإمكانيات في السابق إلا أنّ النتائج كانت أفضل، عكس المرحلة الحالية التي ارتفعت فيها قيمة الدعم مع المجالس المنتخبة لأكثر من خمس أضعاف غير أنّ العائد والمردود أقل، لنخرج من المعادلة ولو بشكل حسابي مجرد أنَّ المشكلة إدارية بحتة قبل كونها في الإمكانيات.

وأعتقد أنه من غير المقبول مستقبلاً أن تعزي مجالس الإدارات القادمة أي تعثر أو إخفاق للإمكانيات، فالكل يدرك جيدًا حجم الإمكانيات التي اعتبرها مقبولة مقارنة بدول أخرى حققت نجاحات أفضل في ظل إمكانيات أقل، فمُعظم المترشحين متمسكون بمناصبهم منذ سنوات ويسعون جاهدين لولاية جديدة رغم تصريحاتهم المُستمرة بالتعلل بالإمكانيات، فأنتم الآن أكثر معرفة بالأوضاع المالية لاتحاداتكم والأكثر إلماماً ببنود موازناتكم، فإذا لم تكن لديكم الحلول الإبداعية التي تخرج من إطار التقليد والاعتماد الوحيد على الدعم الحكومي فلا تعللوا مجددًا بشماعة الإمكانيات، فالوسط لم يعد في صدره متسعًا لهذه الأسطوانة المستهلكة، ونداء أخير للجميعات العمومية أن تتحرى الدقة في خياراتها فلا بديل لأهل الكفاءة.

بقي لي أن اقترح على الجهة الإدارية أن تتولى العميلة الانتخابية من الألف إلى الياء، فحرصا منها على شفافية تامة يتعين عليها تشكيل لجنة استلام أوراق المترشحين من رجالها مراعين كل الشروط المدرجة بالنظام الأساسي وتطبيقها بدقة، فإسناد المهمة للجنة يُعينها المجلس الحالي لا يحظى بقبول البعض.