جهود بارزة للمرأة العمانية في تنمية القطاع السمكي.. وبصمة نسائية واضحة في عمليات الإنتاج والتصنيع الغذائي

الدراسات تؤكد تعاظم إسهامات المرأة في قطاع الثروة السمكية

الرؤية - فايزة الكلبانية

تسهم المرأة العمانية بدور حيوي فاعل في تطوير وتنمية قطاع الثروة السمكية في السلطنة؛ حيث تقوم بالعديد من الأعمال في هذا القطاع ذي الأهمية من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وعلى طول سواحل السلطنة التي تزيد عن 3165 كيلومترا، تتجلى إسهامات المرأة العمانية واضحة للعيان في مجالات العمل بالقطاع السمكي، والتي تتنوع بين المساهمة في العمل بمهنة صيد الأسماك ببعض القرى الساحليّة، مرورًا بالعمل في تجفيف الأسماك، ووصولا إلى التصنيع الغذائي المتمثل في المنتجات السمكية وتصنيع منتجات غذائية من بعض الثروات البحرية، وليس نهاية بالعمل في تجميع بعض الثروات البحرية من الرخويات والقشريات.

وكل ما سبق يضع المرأة العمانية في صدارة مشهد العمل بهذا القطاع، وضمن الأيدي العاملة الوطنية المنتجة والتي تساهم في زيادة الإنتاجية من العمل في هذا القطاع مما يؤثر إيجابيا في نواحي عديدة في مقدمتها تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد السمكية في سواحل السلطنة ورفد السوق المحلي بمنتجات سمكية محلية وتحقيق قدر معتبر من الأمن الغذائي للبلاد.

المرأة الساحلية

وتشارك المرأة في بعض محافظات السلطنة الساحليّة إلى جانب أخيها الرجل في العمل بمهنة صيد الأسماك ومنذ القدم والمرأة العمانية في مجتمعات الساحل تعمل إلى جانب أخيها الرجل حيث تقوم المرأة بصيد وتجميع الأسماك الثروات البحرية وتجفيف وتمليح وتدخين الأسماك والتصنيع الغذائي وتؤدي المرأة دورها بفعالية، وتسهم بشكل كبير في زيادة الإنتاج من المصيد ففي محافظة ظفار تقوم المرأة بدور حيوي في موسم صيد الصفيلح وتعمل في العديد من الأعمال بهذا الموسم وفي مقدمتها صيد ثروة الصفيلح، ولا يختلف الحال في موسم الشارخة، حيث تعد المرأة يدا عاملة أساسية في هذا الموسم من صيد وتجميع وإعداد لثروة الشارخة وقد تزايد أهمية عمل المرأة في القطاع السمكي مع التوسع في مجالات العمل وزيادة فرص الاستثمار والتوسع في المشاريع السمكية المختلفة.

تجفيف الأسماك

وتؤدي المرأة - بمختلف القرى الساحلية بولايات السلطنة- دورًا أساسيًا في عملية تجفيف الأسماك بعد صيدها والتي تعرف محليا باسم عملية (تسطيح الأسماك)؛ حيث تقوم المرأة بتجفيف الأسماك وفي الأغلب تكون من أنواع أسماك العومة والبرية (القاشع) في الأماكن المخصصة بذلك وبعد أن يتم عملية تنظيف وإعداد الأسماك للتجفيف وتشرف المرأة على عملية التجفيف من بدايته إلى النهاية ومن ثم يتم تجميع الأسماك المجففة في الأكياس المعدة بذلك وتحضر للاستهلاك وقسم منها للبيع في الأسواق المحلية والتصدير الخارجي. كما تقوم المرأة بحفظ الأسماك بطرق أخرى كالتمليح والتدخين في عمل يساهم في الاستفادة القصوى من الأسماك وبطريقة اقتصادية.

كما تقوم المرأة العاملة بقطاع الثروة السمكية في السلطنة بدور كبير في التصنيع السمكي ويتضح ذلك من استغلال الأسماك وبعض الثروات البحرية كالرخويات والقشريات والمحاريات في تصنيع منتجات غذائية تشهد إقبالا كبيرا من المستهلكين وتعمل المرأة في هذا المجال بشكل فردي أو في جماعات عمل وتبذل المرأة جهودا ذاتية في التسويق لتلك المنتجات وعلى سبيل المثال يتم تسويق المحار الصخري المعروف محليا باسم "الزوكة" في أسواق محافظة ظفار، ويحظى بإقبال من المستهلكين في ولايات المحافظة وتزداد أهمية التصنيع الغذائي في القطاع السمكي مع وجود رغبة كبيرة في إقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة وتوفر تطبيقات تكنولوجية حديثة في مجال التصنيع السمكي وقد نفذت الوزارة عن طريق دوائر الثروة السمكية في الولايات الساحلية عدد من البرامج الإرشادية للمرأة في مجال التصنيع السمكي بهدف نقل المعارف الجديدة والخبرات اللازمة لتطوير مشاريع الإنتاج الغذائي في القطاع السمكي.

ضبط الجودة

وتمثل المرأة بصفة عامة شريحة كبيرة في التعامل مع الأسماك سواء أكانت عاملة في القطاع السمكي أو مستهلكة، لذا فإن ضبط جودة الأسماك يأتي في صدارة المفاهيم التي يجب مراعاتها لما لها من أهميّة صحية وغذائية وفي هذا الإطار قامت الوزارة ممثلة بمركز ضبط جودة الأسماك بتنفيذ برامج موجهة للمرأة تتعلق بمفهوم ضبط جودة الأسماك لاقت تلك البرامج تفاعلا وتجاوبا من المرأة لمعرفة ضبط الجودة مفهوما وعملا تطبيقيا وأهميته الصحية والغذائية.

ومع تزايد أهمية دور المرأة في قطاع الثروة السمكية كأيدٍ عاملة وطنية منتجة تساهم في تحقيق التنمية السمكية المستدامة قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة بالإدارات والمديريات السمكية في المحافظات الساحلية بالسلطنة بتنفيذ برامج إرشادية تتوزع على الحلقات التدريبية والندوات والمحاضرات العلمية الموجهة للمرأة العاملة في القطاع السمكي بهدف نقل المعارف وخبرات العمل إليها وتطوير قدراتها وزيادة كفاءة العمل وقد نفذت العديد من دوائر الثروة السمكية بالولايات الساحلية فعاليات وبرامج إرشادية للمرأة العاملة في القطاع السمكي ناقشت العديد من محاور العمل بهذا القطاع كما قامت الوزارة بتعيين مختصات في الإرشاد السمكي بدوائر الثروة السمكية بالولايات لسهولة التواصل والتفاعل مع المرأة العاملة في قطاع الثروة السمكية.

الدراسات العلمية

ولقد أجرى عدد من الباحثين والخبراء بالوزارة بحوثا ودراسات علمية تناولت دور المرأة في العمل بقطاع الثروة السمكية ومدى إسهام عمل المرأة في هذه القطاع في زيادة الإنتاجية كما ناقشت بعض الدراسات العوامل المؤثرة في عمل المرأة العمانية بالقطاع السمكي وإمكانيات تطوير مهارات العمل وآفاق التطوير المستقبلي للعمل في هذا القطاع بالنسبة للمرأة وقد توصلت تلك الدراسات إلى العديد من المعطيات التي سوف تساهم في تطوير عمل المرأة بالقطاع السمكي في السلطنة وزيادة دور المرأة في العمل بهذا القطاع.

وفي إطار سعي الوزارة لتطوير عمل المرأة العمانية في قطاع الثروة السمكية، تعمل الوزارة على توظيف خلاصة الدراسات والبحوث العلمية الخاصة بتطوير عمل المرأة في القطاع إلى جانب جهود الإرشاد السمكي وبرامجه مع توظيف تطبيقات التكنولوجيا الحديثة لتطوير عمل المرأة بالقطاع السمكي في السلطنة وقد استفادت المرأة العاملة في القطاع السمكي من الأجهزة والمعدات الحديثة وبصورة خاصة في مجال التصنيع السمكي مما كان له الأثر الإيجابي في إعداد المنتجات السمكية واختصار الكثير من الجهد والوقت في العمل.

آفاق مستقبلية

ولا شك أن المرأة في القطاع السمكي بالسلطنة عنصر أساسي في العمل والإنتاجية مثلما هو الحال في العديد من القطاعات الاقتصادية في السلطنة ومنذ القدم ودور المرأة في قطاع الثروة السمكية تتزايد أهميته سواء بالمساهمة المباشرة في عملية الصيد وتجميع الثروات البحرية المتنوعة في المياه العمانية أو في العمل بالمهن المرتبطة بالقطاع السمكي، وأيضا في العمل في التصنيع الغذائي المرتبط بالأسماك والمنتجات البحرية ومع وجود عدد من البرامج الإرشادية والتوعوية التي تنفذها الوزارة من اجل تطوير قدرات المرأة العاملة في القطاع السمكي وزيادة كفاءة العمل فإن المستقبل يبشر بالخير. ولعل دلالة في ذلك أنّ عددا كبيرا من العاملات في القطاع السمكي وفي المشاريع السمكية من الجيل الجديد، ولم يقتصر الأمر على جيل الأمهات فقط، مما يؤكد أهمية هذا القطاع اقتصاديا والفرص الكبيرة التي يتيحها للاستثمار وتشغيل الأيدي العاملة الوطنية وتوظيف تطبيقات التكنولوجيا الحديثة وتحقيق قدر مناسب من الأمن الغذائي للبلاد.

تعليق عبر الفيس بوك