الإلحاد! (1 -2)

رحمة بنت صالح الهدابية

الإلحاد من الظواهر الشائكة التي باتت تشكل خطرًا مؤرقاً ومزمناً يُهدد حياة مجتمعاتنا العربية والإسلامية لانتشاره وتفشيه السريع بين شبابنا المُسلم ما يستوجب منِّا وقفة ليست للحد من هذه الظاهرة بعدم إعطاء أهمية كبيرة لروادها أو التقليل من شأن انتشار أسبابها، وإنما يتوجب علينا أن نقف جميعنا وقفة جادة وصريحة لقطع دابر هذه الظاهرة  من الأساس، لما لها من آثار خطيرة ووخيمة تتعدى حدود المُلحد نفسه لتصل إلى العالمية في تشويه ديننا الإسلامي الحنيف وقبل ذلك تشويها وتشكيكا وطعنا في الذات الإلهية حاشنا وإياكم أن نقع فيه يومًا ما.

من هذا المُنطلق جاء مقالي هذا كأحد المساعي لنقف وقفة مسؤول أمام الله تعالى أولاً وأمام مجتمعنا ثانيًا لتشخيص هذه الظاهرة التشخيص الصحيح لتكون واضحة وجلية أمام الجميع بدءًا من تعريفها مروراً بمعرفة أسباب انتشارها والنتائج المترتبة على اعتناقها وانتهاءً بالحلول المناسبة للقضاء عليها بشكل نهائي.

فالإلحاد بكل بساطة هو إنكار وجود الله سبحانه وتعالى حيث يُنكر الملاحدة وجود خالق لهذا الكون الواسع يُدير أموره ويُدبر أمور وشؤون خلقه داخله ويعود ذلك بسبب تبجح هؤلاء الملاحدة من أعذار لا يتقبلها عقل من عدم مقدرتهم على رؤية هذا الإله والحديث معه كقول أحدهم: "كيف لي أن أؤمن بوجود إله يرفض رؤيتي والحديث معي" .

أما عن أسباب الإلحاد فهنالك أسباب عديدة وكثيرة تجعل هذا الشاب المسكين الذي نشأ وترعرع في بيئة إسلامية مُحافظة ينقلب على عقبيه ويصبح ملحداً جاحداً بوجود إله لهذا الكون الفسيح ولعل أبرزها:

عندما لا يجد الشاب إجابات شافية لغليل فضوله لا من أبيه ولا من مُعلمه ولا من شيخه ولا حتى من  الكُتب التي قرأها واطَّلع عليها فيعيش هذا الشاب في حالة من التيه والتذبب الفكري وعدم الاستقرار النفسي الذي  يجعله يركن إلى الإلحاد كحل بديل يتَّخذه جراء عدم حصوله على إجابات تطمئن قلبه.

ومن بينها أيضًا سفر الشاب إلى الغرب من دون أن تكون لديه أية حصانة أو خلفية دينية كافية تجعله يتأثر مُباشرة بما يشاهده من ذلك المجتمع من تحلل وانفصال الدين عن الحياة العامة وانكفاء الناس في الإنغماس في الماديات والمظاهر غير آبهين ولا مبالين في ذلك باعتناق أية ديانة تذكر  فينطبع في قلب هذا المسكين ماهي الفائدة التي يجنيها من ممارسة شرائع دينه فيترك دينه ليس إلا مقلدًا لهم وغير عارف بالعقوبات المترتبة على فعله هذا.

وأيضاً ذلك الشاب المتحمس للدفاع عن الدين الإسلامي فيذهب لمحاورة هؤلاء الملاحدة سواء أكان في مواقع التواصل الاجتماعي أم بالذهاب لمجالسهم فيسقط فريسة سهلة أمام أسئلتهم بسبب عدم امتلاكه العلم الكافي بأصول الدين.

وأخطر من ذلك عندما يتسبب شيخ الدين في إلحاد النّاس بسبب سلوكه وتصرفاته المنفرة والمتناقضة والتي لا تمت إلى الدين الإسلامي بأية صلة وهذا ما نُعانيه وللأسف الشديد في واقعنا اليوم من تناقض بعض شيوخ الدين بين أقوالهم وأفعالهم فيعيش الشاب في حيرة من أمره هل هذا هو الدين الإسلامي الذي نزل على نبينا المصطفى ليكون رحمة للعالمين يخرجهم من ظلام الجهل والخرافة إلى ظلال النور والسلام والأمان فهؤلاء الشيوخ سواء أدركوا أو لم يدركوا فإنهم أحد أسباب انتشار الإلحاد بين الشباب بسبب سلوكياتهم وتصرفاتهم الهوجاء.