عهد جديد بدون انتهازيين

أحمد السلماني

أُسدل الستار أخيرا على فصل طويل من مسرحية تراجيدية مُستمرة للكرة العمانية، بكل ما حملته من مشاهد حملت أكثر من وجه ما بين انتصار وانكسار، وغموض وأزمات، وانفراج وحزن وفرح، وغضب ومرح؛ لتختلط كلها؛ فكان الوليد مُشوَّها؛ فحتى نحن المهتمِّين والمتابعين للشأن الكروي لا نجد وصفا لهذا الفصل، والذي استمر تسعة أعوام كاملة من العمل الشاق والمضني، جرَّب فيه القائمون على الكرة العمانية كل الأمصال والعلاجات، واستنفروا الجهود والطاقات والموارد البشرية منها والمادية؛ ليسفر كل ذلك عن منظومة إدارية استثنائية ودورة عمل متطورة يقابلها تراجع مريع للمنتخب الوطني الأول وهو المعيار الأساسي للخط البياني للكرة ومنتخبات سنية غابت عن الأولمبياد وكأس العالم، وتفوقت إقليميا إلى حد ما، وأندية تترنح بعد أن نخرت الديون هياكلها بفعل سياساتها التعسفية وإدارتها بمنظورها المحدود وعقلياتها العقيمة، وفضح ذلك مشاركاتها الخارجية بعد أن طغت المادة على روح الانتماء.

مُعادلة غير موزونة بالمطلق أدهشت -ولا تزال- الكثير من المتابعين للشأن الكروي تتمثل في وجود منظومة متطورة ومناخ عام ليس له مثيل وبنية أساسية يحسدنا عليها كثير من شعوب العالم، وبنود مالية معقولة، وبشر يتحركون في كل مكان؛ منهم: الإداري والفني، والملاعب تنتشر في كل مكان، وأناس يركلون المستديرة المجنونة من سواحل مسندم إلى شواطئ صلالة، ثم يأتي ناد من عُمق الأراضي الفلسطينية التي تعاني قهر الاحتلال ليقهر بطل الدوري العماني على أرضه وبين جماهيره، وليست كرة القدم وحدها من تعاني هذا الترهل والتوهان وحالة عدم الاتزان في معادلتها، بل كل الرياضات هذا هو حالها، مع استثناءات بسيطة خدمتها ظروف معينة في وقتها.. فأين يكمن الخلل؟!

الخلل يكمُن في غياب قيمة مهمة من قيم الإنسانية في التعامل مع الوظيفة أو المهمة التي تحملنا مسؤوليتها بملء إرادتنا ألا وهي "الإخلاص".

عهد جديد تعيشه الكرة العمانية قد سطع نوره، يحمل في طياته صبحا جديدا بشخوص جديدين، تنتظرهم ملفات كثيرة، ولكن عليهم أن لا يقلقوا؛ فهذه الملفات مُنظَّمة إلى حد بعيد، والقاعدة متينة، وما على حامل الراية الجديد الشيخ سالم الوهيبي وزمرته سوى الانطلاق من حيث انتهى السيد خالد وفريقه، وبطموح كبير وبروح الفريق الواحد.

مجلس إدارة الاتحاد السابق كان طموحا، ولكنه اصطدم بواقع مُر تمثل في عدم اكتمال باقي عوامل النجاح ورغبة أطراف في فشلة؛ فكانت مقاومته عنيفة وشجاعة، وبالرغم من استعماله لكافة أنواع المشارط الجراحية، إلا أنَّ الحالة المرضية لا تزال مستعصية؛ فبالله عليكم قفوا مع الاتحاد الجديد؛ فالدعم الحكومي ركن أساسي، ولتتحمل الأندية مسؤولياتها في تطوير ذاتها وداخلها، بدلا من أن تعتمد على الاتحاد في تسيير شؤون الكرة بها؛ فهي المكون الأساسي له، وإن لم يفهم القائمون عليها ذلك فهذا يعني قصورا وخللا في فهم هذه العلاقة، وأن يفسح المجال له لتطوير برامج تطوير الكرة وإعداد المنتخبات بدلا من استهلاك الطاقات والمقدرات في قضايا وأمور جانبية لا طائل منها.

الإعلام الرياضي المسؤول يجب أن ينظر للمشهد بعينين: واحدة تدعم برامج الاتحاد التطويرية وتغطي الأحداث، والأخرى هي الرقيب الأمين على أدائه وباقي المنظومة الكروية.

نقطة في غاية الأهمية يجب أن يُدركها اتحاد الكرة وهو يُعيد هيكلة لجانه؛ ألا وهي: خلو هذه اللجان من الانتهازيين؛ فكل من سعى من هؤلاء لكي يحصل على مهمة في لجنة ما، وجاهد في ذلك، فمنطلق ذلك المصلحة الشخصية البحتة، ومع ذلك فهناك من يرى نفسه كفؤا لتولي مهام معينة، وعليكم البحث عنهم وعن الكفاءات والكوادر المؤهلة فنيا وأكاديميا، والحبلى بالخبرة، فابحثوا عنهم.. فمحسوبية واحدة قد تنسف جهد وعمل منظومة كاملة.

دعواتنا المخلصة لمجلس اتحاد الكرة بالتوفيق والسداد، وأذكِّر مجددا بأن "النجاح مقرون بالإخلاص"؛ فاللهَ اللهَ في الوطن والسلطان.