أحمد السلماني
انطلقَ في السابع من الشهر الجاري الموسم الكروي، ليستهل صحم المشوار الطويل بتحقيق لقب كأس السوبر، على حساب المتخصص فنجاء، في مباراة أعْلَن فيها الأول عن نفسه، ليحمل معه آمالَ الجماهير الصحماوية في موسم مُبشِّر وبطولات أخرى قادمة، والبارحة أيضًا انطلق قطار "دوري عمانتل" للمحترفين؛ ليبدأ 14 ناديا -هي صفوة أندية السلطنة في عالم المستديرة- السباق نحو إحراز اللقب، وقبل ذلك دخلت جميعها في سباق محموم للتجديد والتعاقد مع اللاعبين.
ويبدو أنَّ كلَّ المنظومة الكروية قد استفادتْ من درس الموسم المنصرم وحالة الشد والجذب التي رافقت مواعيد انطلاقته، لتبدأ غالبية الفرق في ترميم الصفوف بداية من الجهاز الفني والإداري إلى اللاعبين والدكة؛ الأمر الذي يُبشِّر بموسم كروي أفضل فنيا وأكثر استقرارا، وكل ذلك سينعكس إيجابا على المنتخبات الوطنية ولكرة القدم العمانية بشكل عام، خاصة في المشاركات الخارجية للأندية العمانية.
مؤشر آخر يُبشِّر بموسم كروي جيد تمثل في الاستعداد الجيد لبعض الفرق، والتي لعب بعضها ما يقارب الـ10 مباريات ودية، وبغض النظر عن النتائج فإنَّ صقل اللاعبين وانسجامهم فيما بينهم ومع طريقة المدرب وأسلوب تدريبه وتكتيكه، إنما يكون من خلال هذه اللقاءات الودية المتنوعة، كما أنَّ حزمة التعديلات الجديدة التي أدخلتها رابطة الدوري مُؤشر على ارتقاء النمط الاحترافي لدى الأندية.
كما تتطلع الجماهير إلى أن يُمثل الثالوث الصاعد قيمة مُضافة لدوري هذا الموسم، إذا ما علمنا أنَّ ناديا مثل جعلان مُستقر فنيًّا، وجدد لأغلبية لاعبيه؛ وهم من هم، مثال رائع للانتماء؛ كونهم لم ولن يكلفوا ناديهم كثيرا، ويلعبون بروح الولاء، كما أنَّ تصريحات مدربهم النارية بأنَّ أبناء جعلان سيكونون ضمن الخمسة الأوائل بالدوري تنمُّ عن ثقة كبيرة أتمنى أن لا تكون مُفرطة أو فرقعة إعلامية. أما نادي عمان فجُل ما نتمناه أن يكون أبناؤه -من إدارة ولاعبين- قد استوعبوا الدرس جيدا، وأن من يهبط فإنَّ مسألة صعوده ليست بالأمر السهل، ولكن مُؤشر الرؤية الجيدة والصبورة لمجلس إدارته، وإدارته الكروية تحديدا، ينم عن أنَّ "الأثرياء" لن يكونوا رقما سهلا وربما يخلطون الأوراق.
الرستاق "النادي الظاهرة" في آخر 3 مواسم، هو أحد أكثر الأندية استقرارا من الناحية الفنية؛ فمدربه السويب سيقضي مع الفريق موسمه الرابع وهو لا سواه من يدرك كل صغيرة وكبيرة بلاعبيه بعد أن جدد مع 14 لاعبا صعد معهم من دوري الثانية للأولى، ومن ثم لدوري المحترفين وبجدارة، بإحرازه للقب الأول، وبفارق مريح، كما أنَّ تعاقداته معقولة ولا مبالغة فيها، ولا أبالغ إن قلت إنَّ هذا الرجل ينتمي للنادي والولاية بشكل لا يتصوره أحد، وأنَّ السر وراء هذا التألق في المواسم الماضية إنما يكمُن فيمن خدم الرستاق باستفزاز أبناء النادي يومًا بعد آخر وسخر من تعاقد المدرب مع نادٍ مُتواضع حينها رغم مسيرته الكروية كلاعب ومدرب، ليضرب عهدا على نفسه بتغيير الصورة النمطية لـ"عنابي الجبل"، وقالها صراحة: "إذا لم ترتقِ إدارة النادي مع طموحنا في المنافسة على اللقب، ففك الارتباط أولى"؛ لتتناغم الإدارة وطموح المدرب والجماهير؛ وبالتالي فلا أستبعد أن تستمر الظاهرة إذا ما علمنا أنَّ أكثر فرق الدوري استعدادا واستقرارا إنما هو الرستاق.
جُل ما أتمناه من الأندية أن يكون الصرف وفق الإمكانيات، وأنَّ اللاعب السوبر في عُمان حاليا غير موجود؛ فليس هناك من داعٍ للتعاقدات المبالغ فيها، كما أنَّ الاستقرار الفني أمر محمود، وأتمنى أنْ لا نحطم الرقم القياسي الذي وَصَل إليه عدد المدربين المُقالين 24 مدربا أو يزيد، كما لا أعلم سببا لتعجل اتحاد الكرة في التوقيع مع عُمانتل لرعاية الدوري، ولم يتبقَّ على كيانه الإداري سوى أيام، وربما لدى الاتحاد رؤية استثمارية أكثر طموحا، وبقيمة أكبر، ومع ذلك تبقى هذه الشركة الرائدة وبنك مسقط أكثر مؤسسات القطاع الخاص دعما للرياضة وللمجتمع، ونتمنى مضاعفة هذه المسؤولية الاجتماعية.